للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ بذلك مِن قِيلِهم، مع استسرارِهم الشكَّ والرِّيبةَ، ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ﴾ بصنيعِهم ذلكَ ﴿إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ دونَ رسولِ اللَّهِ والمؤمنين، ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ بموضعِ خديعتِهم أنفسَهم، واستدراجِ اللَّهِ إيَّاهم بإملائِه لهم، ﴿فِي قُلُوبِهِمْ﴾ شكُّ [النفاقِ ورِيبتُه] (١)، واللَّهُ زائدُهم شكًّا ورِيبةً بما كانوا يَكْذِبون اللَّهَ ورسولَه والمؤمنين بقولِهم بألسنتِهم: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ وهم في قِيلِهم (٢) ذلك كَذَبةٌ؛ لاستسرارِهم الشكَّ والمرضَ في اعتقاداتِ قلوبِهم في أمرِ اللَّهِ وأمرِ رسولِه . فأَوْلَى في حكمةِ اللَّهِ أن يكونَ الوعيدُ منه لهم على ما افْتَتح به الخبرَ عنهم مِن قبيحِ أفعالِهم وذَميمِ أخلاقِهم، دونَ ما لم يَجْرِ له ذكرٌ مِن أفعالِهم، إذ كان سائرُ آياتِ تنزيلِه بذلك نزَل، وهو أن يَفْتَتحَ ذكرَ محاسنِ أفعالِ قومٍ، ثم يختِمَ ذلك بالوعدِ (٣) على ما افْتَتحَ به ذكرَه مِن أفعالِهم، ويَفتتحَ ذكرَ مساوِي أفعالِ آخرين، ثم يختِمَ ذلك بالوعيدِ على ما ابْتَدأ به ذكرَه مِن أفعالِهم. فكذلك الصحيحُ مِن القولِ في الآياتِ التي افْتَتح فيها ذكرَ بعضِ مساوي أفعالِ المنافقين، أن يختِمَ ذلك بالوعيدِ على ما افْتَتح به ذكرَه مِن قبائحِ أفعالِهم.

فهذا هذا (٤)، مع دَلالةِ الآيةِ الأُخرى على صحةِ ما قلنا، وشهادتِها بأن الواجبَ من القراءةِ ما اخترْنَا، وأن الصوابَ مِن التأويلِ ما تَأَوَّلْنا، مِن أن وعيدَ اللَّهِ المنافقين في هذه الآيةِ العذابَ الأليمَ على الكذِبِ الجامعِ معنى الشكِّ والتكذيبِ، وذلك قولُ اللَّهِ جلّ ثَناؤُه: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ


(١) في م: "أي نفاق وريبة".
(٢) في ص: "قولهم".
(٣) في م: "بالوعيد".
(٤) سقط من: ص، ر.