للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾. يقولُ: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ أي على المسلمين، ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ على أهلِ الكتابِ.

حدَّثني يونسُ، قال: حدَّثنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيد في قولِه: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾. قال: قال أبي: حَقٌّ على كلِّ مسلمٍ حُيِّىَ بتحيةٍ أن يُحَيِّىَ بأحسَنَ منها، وإذا حَيَّاه غيرُ أهلِ الإسلامِ، أن يَرُدَّ عليه بمثلِ ما قال.

وأَوْلى التأويلَين بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: ذلك في أهلِ الإسلامِ. ووَجَّه معناه إلى أن يَرُدُّ السلام على المُسْلِم إذا حَيَّاه تَحيَّةً أحسَنَ مِن تَحيَّتِه أو مثلَها. وذلك أن الصَّحاحَ مِن الآثارِ عن رسولِ اللهِ ، [أنه قال: "إذا سلَّم عليكم أهلُ الكتابِ فقولوا: وعليكم" (١). فبيَّن ] (٢) أنه واجبٌ على كلِّ مسلمٍ ردُّ تحيةِ كلِّ كافرٍ بأحسنَ مِن تَحيَّتِه. وقد أمَر اللهُ جلّ ثناؤه بِرَدِّ الأحسَنِ أو المِثْلِ في هذه الآيةِ، مِن غيرِ تمييزٍ منه بينَ المُسْتَوجِبِ ردَّ الأحسنِ من تحيتِه عليه، والمردودِ عليه مثلُها، بدلالةٍ يُعْلَمُ بها صحةُ قولِ مَن قال: عَنَى برَدِّ الأحسنِ المُسْلِمَ، وبرَدِّ المِثْلِ أهلَ الكفرِ.

فالصوابُ - إذا لم يكنْ في الآيةِ دلالةٌ على صحةِ ذلك، [ولا جاء بصحتِه] (٣) أثرٌ لازمٌ عن الرسولِ أن يكونَ الخيارُ في ذلك إلى المُسلَّمِ عليه؛ بينَ (٤) رَدَّ


(١) أخرجه أحمد ١٩/ ١٤ (١١٩٤٨)، والبخارى (٦٢٥٨)، ومسلم (٢١٦٣) من حديث أنس.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ولا بصحة"، وفى م: "ولا بصحته".
(٤) في الأصل: "من".