للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا). قال: بلغني أن رجلًا من المسلمين أغار على رجلٍ من المشركين، فحمَل عليه، فقال له المشركُ: إنى مسلمٌ (١)، لا إلهَ إلا اللهُ. فقتَله المسلمُ بعد أن قالها، فبلَغ ذلك النبيَّ ، فقال للذى قتَله: "أقتَلْتَه وقد قال: لا إله إلا اللهُ؟ ". فقال - وهو (٢) يَعْتَذِرُ -: يا نبيَّ اللهِ إنما قالها مُتَعَوِّذًا وليس كذلك. فقال النبيُّ : "فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟ ". ثم مات قاتلُ الرجلِ فقُبِر، فلفَظته الأرضُ، فذُكِر ذلك للنبيِّ ، فأمَرهم أن يَقْبُروه، ثم (٣) لفَظته الأرضُ، حتى فُعِل به ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ، فقال النبيُّ : "إن الأرْضَ أبت أن تَقْبَلَه فَأَلْقُوه في غارِ مِن الغِيرانِ". قال مَعْمَرٌ: و (٤) قال بعضُهم: "إن الأرضَ تَقْبَلُ مَن هو شرٌّ منه، ولكن الله جعَله لكم عبرةً (٥) ".

حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن أبي الضُّحَى، عن مسروقٍ: أن قومًا مِن المسلمين لقُوا رجلًا مِن المشركين في غُنَيْمَةٍ فقال: السلامُ عليكم، إنى مؤمنٌ. فظنُّوا أنه يَتَعوَّذُ بذلك، فقتَلوه، وأخَذوا غُنَيْمَتَه، قال: فأنْزَل اللهُ جل ثناؤُه: (ولَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيا): تلك الغُنَيْمَةَ ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾ (٥).


= السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٠٠ إلى المصنف.
(١) بعده في م: "أشهد أن".
(٢) في الأصل: "مر".
(٣) بعده في الأصل: "قد".
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٦٨، ١٦٩.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٤١ (٥٨٣٦) من طريق أبي أحمد به، وأخرج أوله أيضًا (٥٨٣٠) معلقًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٠١ إلى المصنف.