للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّدِّيِّ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَينُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلقَى إِليكم السَّلم لَسْتَ مؤمنًا تَبتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِن قَبلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيكُم فَتَبَيَّنُوا): بعَث رسولُ اللهِ سَرِيَّةً عليها أسامةُ بنُ زيدٍ إلى بنى ضَمْرَةَ، فَلَقُوا رجلًا منهم يُدْعَى مِرْداسَ بنَ نَهِيكٍ معَه غُنَيْمَةٌ له وجملٌ أحمرُ، فلمَّا رآهم أوَى إلى كهفِ جبلٍ، واتَّبعه أسامةُ، فلمَّا بلَغ مرداسٌ الكهفَ وضَع فيه غنمَه، ثم أقبل إليهم فقال: السلامُ عليكم، أشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ، فشدَّ عليه أسامةُ فقتَله مِن أجلِ جملِه وغُنَيمتِه (١)، وكان النبيُّ إذا بعَث أسامةَ أحبَّ أن يُثْنَى عليه خيرًا، ويَسْأَلُ عنه أصحابَه، فلمَّا رجَعوا لم يَسْأَلهم عنه، فجعَل القومُ يُحَدِّثون النبيَّ ويقولون: يا رسولَ اللهِ، لو رأيت أسامةَ ولَقِيه رجلٌ، فقال الرجلُ: لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ اللهِ، فشدَّ عليه فقتله؟ وهو معرضٌ عنهم، فلمَّا أكْثَروا عليه، رفَع رأسه إلى أسامةَ فقال: "كيف أنت ولا إلهَ إلا اللهُ؟ " فقال: يا رسولَ اللهِ، إنما قالها مُتَعَوِّذًا (٢)، تَعَوّذ بها. فقال له رسول اللهِ : "هلا شقَقْتَ عن قلبِه فنظَرتَ إليه؟ " قال: يا رسولَ اللهِ، إنما قلبُه بَضْعَةٌ مِن جسدِه، فأَنْزَلَ اللهُ خبر هذا، وأخبره إنما قتَله مِن أجلِ جملِه وغنمِه، فذلك حين يقولُ: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. فلمَّا بلغ ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾. يقولُ تاب (٣) اللهُ عليكم، فحلَف أسامةُ أن لا يُقاتِلَ رجلًا يقولُ: لا إله إلا اللهُ. بعدَ ذلك الرجلِ، وما لقِى مِن رسولِ اللهِ (٤).


(١) في الأصل: "غنمه".
(٢) بعده في الأصل: "و".
(٣) في م، والدر المنثور: "فتاب".
(٤) أخرج بعضه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٤٢ (٥٨٤٠) من طريق أحمد بن مفضل به. وعزاه =