للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ في ذلك من القولِ والتأويلِ عندَنا أن معنى الاستهزاءِ في كلامِ العربِ إظهارُ المستهزِئ للمستهزَأ به من القولِ والفعلِ ما يُرْضِيه ويُوافِقُه (١) ظاهرًا، وهو بذلك من قيلِه وفعلِه به مُوَرِّطُه (٢) مساءَتَه (٣) باطنًا، وكذلك معنى الخِداعِ والسُّخريةِ والمكرِ.

فإذ كان ذلك كذلك، وكان اللهُ جلَّ ثناؤُه قد جعَل لأهلِ النِّفاقِ في الدنيا من الأحكامِ - بما أظْهروا بألسنتِهم من الإقرارِ باللهِ وبرسولِه وبما جاء به من عندِ اللهِ، المُدْخِلِهم (٤) في عِدادِ مَن يشمَلُهم (٥) اسمُ الإسلامِ، وإن كانوا (٦) لغيرِ ذلك مُستبطِنين (٧) -أحكامَ المسلمين (٨) المصدِّقين إقرارَهم بألسنتِهم بذلك، بضمائرِ قلوبهم، وصَحائحِ عزائمِهم، وحميدِ أفعالِهم المحققةِ لهم صحةَ إيمانِهم، مع علمِ الله جلَّ وعزَّ بكذبِهم، واطلاعِه على خُبْثِ اعتقادِهم، وشكِّهم فيما ادَّعَوا بألسنتِهم أنهم به (٩) مصدِّقون، حتى ظنُّوا في الآخِرةِ - إذ حُشِروا في عِدادِ من كانوا في عِدادِهم في الدنيا - أنّهم وارِدُون مَوْرِدَهم، وداخِلون مَدْخَلَهم، واللهُ مع إظهارِه ما قد أظْهر لهم من الأحكامِ المُلْحِقتِهم (١٠) في عاجلِ الدنيا وآجلِ الآخرةِ


(١) سقط من: ص، وفي ر، ت ٢: "يوفقه".
(٢) في م: "مورثه".
(٣) في ص، م: "مساءة".
(٤) في م: "المدخل لهم".
(٥) في ص، م: "يشمله".
(٦) في ر: "كان".
(٧) بعده في م: "من".
(٨) في ر: "الإسلام".
(٩) سقط من: م.
(١٠) في م: "الملحقهم".