للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسك وابنَ أخيك". قال: يا رسول اللهِ، ألم نُصَلِّ قبلتَك، وَنَشْهَدْ شهادتَك؟! قال: "يا عبّاسُ، إنكم خاصَمْتُم فَخُصِمْتُم". ثم تلا عليه (١) هذه الآيةَ: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾. فيوم نزلت هذه الآيةُ كان من أسْلَم ولم يُهَاجِرْ فهو كافرٌ، حتى يُهاجِرَ، إلا المستضعفين الذين ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ حيلةً في المالِ، والسبيلُ: الطريق [إلى المدينة] (٢)، قال ابن عباسٍ: كنتُ أنا منهم من الولدانِ (٣).

حدَّثنا الحسنُ بن يحيى، قال: [أخبرنا عبدُ الرزاق، قال] (٤): أخبرنا ابن عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينارٍ، قال: سمعتُ عكرمة يقولُ: كان ناسٌ بمكة قد شهِدوا أن لا إلهَ إلا الله، فلمَّا خرج المشركون إلى بدرٍ خرجوا (٥) معهم، فقُتلوا، فنزلت فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾. إلى قوله: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، قال: فخرج ناسٌ من المسلمين حتى إذا كانوا ببعضِ الطريقِ طلَبهم المشركون فأدركوهم، فمنهم من أعْطَى الفتنة، فأنزل الله فيهم: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠]. فكتَب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكةَ، وأنْزَل الله في أولئك الذين أعْطَوا الفتنة: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا﴾. إلى: ﴿لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٦) [النحل: ١١٠].


(١) سقط من: الأصل، م.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٤٧ (٥٨٦٩) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "أخرجوهم".
(٦) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٧١. وأخرجه البيهقى ٩/ ١٤ من طريق ابن عيينة به.