للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقْصُرُها القَصْرَ الذي أبَحْتُ (١) لهم أن يَقْصُروها في حال تلاقيهم وعدوَّهم، وتَزاحُفِ بعضهم إلى بعض، مِن تَرْكِ إقامة حدودها وركوعها وسجودها وسائر فروضها، ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾. يعنى: فلتَقُمْ فِرْقةٌ من أصحابك الذين وتكون أنت فيهم معك في صلاتِك، وليكن سائرُهم في وجوه العدوِّ - وترك ذكر ما ينبغى لسائر الطوائف غير المُصلِّية مع النبيِّ أن يفعله لدلالة الكلام المذكور على المراد به، والاستغناء بما ذُكر عما تُرك ذكرُه - ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾.

واختلف أهلُ التأويل في الطائفة المأمورة بأخذ السلاح؛ فقال بعضُهم: هي الطائفةُ التي كانت تُصلِّى مع رسول الله . قال: ومعنى الكلام: ﴿وَلْيَأْخُذُوا﴾. يقولُ: ولتأخذ الطائفةُ المُصَلِّيةُ معك من طوائفهم ﴿أَسْلِحَتَهُمْ﴾. والسلاحُ الذي أُمروا بأخذِه عندهم في صلاتهم، كالسيف يَتقلَّدُه أحدُهم، والسكين، والخنجرِ يَشُدُّه إلى دِرْعه (٢) وثيابه التي هي عليه، ونحوِ ذلك من سلاحه.

وقال آخرون: بل الطائفةُ المأمورةُ بأخذِ السلاح منهم الطائفةُ التي كانت بإزاء العدوِّ، دونَ المُصَلِّية مع رسول الله . وذلك قولُ ابن عباس.

حدَّثني بذلك المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾ يقولُ: فإذا سجدتِ الطائفةُ التي قامت معك في صلاتك تُصلِّي بصلاتك، فَفَرَغَت من سجودِها، ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾.


(١) في الأصل، والتبيان: "يجب".
(٢) في الأصل، ت ٢، س: "ذراعه".