للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: فليصيروا بعدَ فراغِهم من سجودِهم خلفكم مُصَافِّى (١) العدوِّ في المكان الذي فيه سائرُ الطوائف التي لم تُصَلِّ معك، ولم تَدخُلْ معك في صلاتك (٢).

ثم اختلف أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم: تأويلُه: فإذا صَلُّوا فَفَرَغوا من صلاتهم، فليكونوا من ورائكم.

ثم اختلف أهلُ هذه المقالة؛ فقال بعضُهم: إذا صَلَّت هذه الطائفةُ مع الإمام ركعةً، سَلَّمَت وانصرفت من صلاتها، حتى تأتى مُقامَ أصحابها بإزاء العدوِّ، ولا قضاء عليها. وهم الذين قالوا: عَنَى الله بقوله: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾. أن تجعلوها - إذا خفتم الذين كفروا أن يَفْتِنوكم - ركعةً. ورَوَوا (٣) عن النبيِّ أنه صلَّى بطائفةٍ صلاةَ الخوفِ ركعةً، ولم يَقْضُوا، وبطائفةٍ أخرى ركعةً (٣) ولم يَقْضُوا.

وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مَضَى، وفىما ذكرنا كفايةٌ عن استيعابِ ذكرِ جميع ما فيه (٤).

وقال آخرون منهم: بل الواجبُ كان على هذه الطائفة التي أمرها الله بالقيام مع نبيِّها، إذا أراد إقامة الصلاةِ بهم في حالِ خوفِ العدو، إذا فَرَغَت من ركعتها التي أمرها الله أن تصلِّى مع النبيِّ على ما أمرها به في كتابه - أن تَقُومَ في مُقامِها الذي صَلَّت فيه مع رسولِ اللَّهِ ، فتُصَلِّي لأنفسها بَقِيَّةَ


(١) في الأصل: "مكافئ" ومُصافّ العدو: أي مقابلهم. النهاية ٣/ ٣٨.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "روى".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) انظر ما تقدم في ص ٤١٥ وما بعدها.