للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسرقةِ عن (١) غيرِ بينةٍ ولا ثَبَتٍ (٢). قال قتادةُ: فأَتَيْتُ رسولَ اللهِ فكلَّمْتُه (٣)، فقال: "عمَدْتَ إلى أهلِ بيتٍ ذُكِر منهم إسلامٌ وصلاحٌ، تَرْمِيهم بالسَّرقةِ على غيرِ بينةٍ ولا ثَبَتٍ". قال: فرجَعت ولوَدِدْتُ أنى خرَجتُ مِن بعضِ مالي ولم أُكَلِّمْ رسولَ اللهِ في ذلك، فأتَيْتُ عمِّى رِفاعةَ، فقال: يا بنَ أخي، ما صَنَعْتَ؟ فَأَخبَرتُه بما قال لى رسولُ اللهِ ، فقال: اللهُ المستعانُ. فلم نَلْبَثْ أن نزَل القرآنُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؛ بنى أُبَيرِقٍ، ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾، أي مما قلتَ لقتادة (٤)، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٦) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: بني أَبَيرِقٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ﴾، إلى قولِه: ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، أي: إنهم إن يَسْتَغْفِرُوا الله يَغْفِرْ لهم. ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾: قولُهم للبيدٍ، ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ﴾، يَعْنى: أسيرًا وأصحابَه، ﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ إلى قولِه: ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.

فلما نزل القرآنُ أُتِى رسولُ اللهِ بالسلاحِ، فردَّه إلى رفاعةَ.

قال قتادةُ: فلما أتَيْتُ عمِّى بالسلاحِ وكان شيخًا قد عسَا (٥) في الجاهليةِ،


(١) في م: "من".
(٢) في ص: "بيت". والثبت، بالتحريك: الحجة والبينة. اللسان (ث ب ت).
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "فسألته".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س: "لعبادة".
(٥) في الترمذي: "عشى". وعسا: أي كبر وأسن. وعشى: أي ضعف بصره. النهاية ٣/ ٢٣٨.