للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكُنتُ أرى إسلامَه مدخولًا (١)؛ فلما أتَيْتُه بالسلاحِ، قال: يا بنَ أخي، هو في سبيلِ اللهِ. قال: فعرَفت أن إسلامَه كان صحيحًا. فلما نزَل القرآنُ لحق بُشَيرٌ بالمشركين فنزَل على سُلافةَ (٢) بنتِ سعدِ بن شُهَيدٍ (٣)، فأنزَل اللهُ فيه: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، إلى قولِه: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾، فلما نزَل على سُلافةَ رماها حسانُ بنُ ثابتٍ بأبياتٍ مِن شعرٍ، فأَخَذَت رَحْلَه فوضَعَتْه على رأسها ثم خرجت به فرَمَتْ به في الأبطحِ، ثم قالت: أَهْدَيْتَ إليَّ شعرَ حسانَ، ما كنتَ تَأتينى بخيرٍ (٤).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾. يَقُولُ: بما أنزَل اللهُ عليك وبيَّن لك. ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾. فقرَأ إلى قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾: ذُكِر لنا أن هؤلاء الآياتِ أُنزِلت في شأنِ طُعْمَةَ بن أُبَيْرقٍ، وفيما همَّ به نبيُّ اللهِ من عُذْرِه، وبيَّن اللهُ شَأنَ طعمةَ بن أُبيرِقٍ، ووعَظ نبيَّه وحذَّره أن يَكُونَ للخائنين خصيمًا، وكان طُعْمَةُ بنُ أُبَيْرِقٍ رجلًا مِن الأنصارِ ثم أحدَ بني ظَفَرٍ، سرَق درعًا لعمِّه كانت وديعةً عندَه، ثم قذَفها (٥) على يهوديٍّ كان يَغْشاهم، يُقال له: زيدُ بنُ السمينِ. فجاء اليهوديُّ إلى نبيِّ اللهِ


(١) الدخَل، بالتحريك: العيب والغش والفساد، يعنى أن إيمانه كان متزلزلًا فيه نفاق. النهاية ٢/ ١٠٨.
(٢) في ص، ت ١ س: "سلاقة"، وفى ت:١ "سلام". وانظر الإصابة ٧/ ٧٢٤.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "سهيل"، وفى م: "سهل".
(٤) أخرجه الترمذى (٣٠٣٦) عن الحسن بن أحمد وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٥٩، ١٠٦٠ (٥٩٣٣، ٥٩٣٤، ٥٩٣٦) من طريق محمد بن سلمة به، والحاكم ٤/ ٣٨٥ - ٣٨٨ من طريق محمد بن إسحاق به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢١٥ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س: "قدمها".