للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يهتِفُ، فلما رأى ذلك قومُه بنو ظَفَرٍ جاءوا إلى نبيِّ اللهِ ليَعْذِروا صاحبَهم، وكان نبيُّ اللهِ قد همَّ بعذرِه، حتى أنزَل اللهُ جل ثناؤه في شأنِه ما أَنْزَل؛ فقال: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾، إلى قولِه: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، يَعْنى بذلك قومَه. ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، وكان طُعْمَةُ قد قذَف بها بريئًا، فلما بَيَّنَ اللهُ شَأنَ طُعْمَةَ، نافَق ولحِق بالمشركين بمكةَ، فأنزَل اللهُ في شأنِه: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾: وذلك أن نفرًا مِن الأنصارِ غَزَوا مع النبيِّ في بعضِ غَزَواتِه، فسُرِقت درعٌ لأحدِهم، فأظنَّ (٢) بها رجلًا مِن الأنصارِ، فأتي صاحبُ الدِّرْعِ رسولَ اللهِ ، فقال: إِن طُعْمَةَ بنَ أُبَيْرِقٍ سَرَق دِرْعِي، فأتى به رسولَ اللهِ ، فلما رأَى السارِقُ ذلك، عمَد إليها فألقاها في بيتِ رجلٍ بَرِئٍ، وقال لنفرٍ (٣) من عشيرتِه: إنى قد غيِّبتُ الدرعَ وألقيتُها في بيت فلانٍ، وستوجد عندَه. فانطَلَقوا إلى نبيِّ اللهِ ليلًا، فقالوا: يا نبيِّ اللهِ، إن صاحبَنا برئٌ، وإن سارق الدرِع فلانٌ، وقد أحَطنا بذلك علمًا، فاعْذِرْ صاحبَنا على رُءوسِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢١٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أظن: أي اتهم. اللسان (ظ ن ن).
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "النفر".