للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء نخلةٌ؟

قيل: أمّا في الموضعِ الذي مثَّل ربُّنا جلَّ ثناؤُه جماعةً من المنافقين بالواحدِ الذي جعَله لأفعالِهم مثلًا، فجائزٌ حسنٌ، وفي نظائرِه، كما قال جلَّ ثناؤُه في نظيرِ ذلك: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩]. يَعْني: [كدَوْرِ أعينِ الذين يُغْشَى عليهم] (١) من الموتِ. وكقولِه: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨]. بمعنى: إلا كبعثِ نفسٍ واحدةٍ.

وأمّا في تمثيلِ أجسامِ الجماعةِ من الرجالِ في الطولِ وتمامِ الخلقِ بالواحدةِ من النخيلِ، فغيرُ جائزٍ، ولا في نظائرِه، لفرقٍ بينَهما.

فأما تمثيلُ الجماعةِ من المنافقين بالمستوقِد الواحدِ، فإنما جاز لأن المرادَ من (٢) الخبرِ عن مَثَلِ المنافقين (٣) الخبرُ عن مثَلِ استِضاءتِهم بما أظهَروا بألسنتِهم من الإقرارِ (٤) وهم لغيرِه مستبطِنون، من اعتقاداتِهم الرديَّةِ، وخلطِهم نفاقَهم الباطنَ بالإقرارِ بالإيمانِ الظاهرِ. والاستضاءةُ - وإن اخْتَلفَت أشخاصُ أهلِها - معنًى واحدٌ لا معانٍ مختلفةٌ، فالمَثَلُ لها (٥) في معنى المثلِ للشخصِ الواحدِ من الأشياءِ المختلفةِ الأشخاصِ.

وتأويلُ ذلك: مثَلُ استضاءةِ المنافقين بما أظْهَروا من الإقرارِ باللهِ ﷿ وبمحمدٍ وبما جاء به، قولًا، وهم به مكذِّبون اعتقادًا، كمثَلِ استضاءة الموُقدِ


(١) في ت ١: "كدوران الذي يغشى عليه"، وفي م: "كدوران عين الذي يغشى عليه".
(٢) في ص: "بمثل".
(٣) في ص، ت ٢: "المنافق".
(٤) بعده في ت ٢: "والمراد هم الأفراد".
(٥) في ص، ت ١: "له".