للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحذفُ فيقالُ: ما أفعالُكم إلا كالكلبِ، أو (١) كالكلابِ. وأنت تعني: إلّا كفعلِ الكلبِ، وإلّا كفعل الكلابِ. ولم يَجُزْ أن تقولَ: ما هم إلا نخلةٌ. وأنت تريدُ تشبيهَ أجسامِهم بالنخلِ في الطولِ والتمامِ.

وأما قولُه: ﴿اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾. فإنه في تأويلِ: أوْقَد، كما قال الشاعرُ (٢):

ودَاعٍ دَعَا يا من يُجيبُ إلى النَّدَى (٣) … فلم يَسْتَجِبْه عندَ ذاك مُجيبُ

يريدُ: فلم يُجِبْه.

فكان معنى الكلامِ إذن: مثَلُ استضاءةِ هؤلاء المنافقين في إظهارِهم لرسولِ اللهِ وللمؤمنين بألسنتِهم من قولِهم: آمنَّا باللهِ وباليومِ الآخرِ، وصدَّقنا بمحمدٍ وبما جاء به. وهم للكفرِ مستبطِنون، فيما (٤) اللهُ فاعلٌ بهم، مثَلُ استضاءةِ موقِدٍ نارًا بنارِه، حتى أضاءت له النارُ ما حولَه. يعني ما حَولَ المستوقِدِ.

وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ أن ﴿الَّذِي﴾ في قولِه: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ بمعنى الذين، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٣٣]. وكما قال الشاعرُ (٥):


(١) في ر: "وإلا".
(٢) هو كعب بن سعد الغنوي، والبيت في الأصمعيات ص ٩٦، وطبقات فحول الشعراء ١/ ٢١٣، وأمالي القالي ٢/ ١٥١.
(٣) الندى: الجود. الصحاح (ن د ى).
(٤) في ت ٢: "مما".
(٥) هو الأشهب ابن رميلة، والبيت في الكتاب ١/ ١٨٧، والمؤتلف والمختلف ص ٣٧.