للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدَ إذ كان مؤمنًا، ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ﴾ من ذلك العملِ الذي قيل له ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١] قال: هو أشرُّ ممَّن قال ذلك له (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: (لا يُحِبُ اللهُ الجهرَ بالسوءِ مِن القولِ إلَّا مَن ظَلَمَ). فقرَأ: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾. حتى بلَغ: ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. ثم قال بعدَ ما قال لهم: فى ﴿فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ (لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ). قال: لا يُحِبُّ اللهُ أن يُقالَ (٢) لهذا: ألسْتَ (٣) نافقْتَ؟ ألسْتَ المنافقَ؟ ألست الذى ظلَمْتَ وفعَلْتَ وفعَلْتَ؟ من بعدِ ما تاب (إلا مَن ظَلَم) إلا مَن أقام على النِّفاقِ. قال: وكان أَبي يقول ذلك له ويَقْرَؤُها: (إلا مَن ظلَم).

فـ"مَن" على هذا التأويلِ نصْبٌ؛ لتعلُّقِه بالجهرِ. وتأويلُ الكلامِ على قولِ قائلِ هذا القولِ: لا يُحِبُّ اللهُ أن يَجْهَرَ أحدٌ لأحدٍ من المُنافقين بالسُّوءِ من القولِ إلا لَمَن ظَلَم منهم نفسَه (٣) فأقام على نفاقِه، فإنه لا بأسَ بالجهرِ له بالسوءِ مِن القولِ.

قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين بالصوابِ فى ذلك قراءةُ مَن قرَأَ: ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ بضمِّ الظاءِ؛ لإجماعِ الحجةِ من القرَأةِ وأهلِ التأويلِ على صحتِها، وشذوذِ قراءةِ مَن قرَأ ذلك بالفتحِ.

فإذ كان ذلك أولى القراءتين بالصوابِ، فالصوابُ في تأويلِ ذلك: لا يُحِبُّ


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٢٣٧ للمصنف.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يقول".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.