للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على صحةِ ما قلنا في معناه فيما مضَى بما أغْنَى عن إعادتِه فى هذا الموضعِ (١).

وقد رُوِى (٢) عن ابنِ عباسٍ أنه كان يقولُ في ذلك بما حدَّثني به الحارثُ، قال: ثنا أبو عُبيدٍ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ بنِ موسى، عن عبدِ الرحمنِ بنِ إسحاقَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ معاويةَ، عن ابنِ عباسٍ في هذه الآيةِ قال: إنهم إذا رأوْه (٣) فقد رأَوْه، إنما قالوا جَهْرةً: ﴿أَرِنَا اللَّهَ﴾. قال: هو مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّرٌ (٤). وكان ابنُ عباسٍ يَتَأَوَّلُ ذلك أن سؤالَهم موسى كان جَهْرةً.

وأما قولُه: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾. فإنه يقولُ: فصَعِقوا بظلمِهم أنفسَهم، وظلمُهم أنفسَهم كان مسألتَهم موسى أن يُرِيَهم ربَّهم جَهْرَةً؛ لأن ذلك مما لم يَكُنْ لهم مسألتُه.

وقد بيَّنَّا معنى الصاعقةِ فيما مضَى، واختلافَ (٥) المُخْتَلِفين في تأويلِها، والدليلَ على أوْلى ما قيل فيها بالصوابِ (٦).

وأما قولُه: ﴿ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾. فإنه يعنى: ثم اتَّخَذ هؤلاء الذين سأَلوا موسى ما سأَلوه -مِن رُؤْيةِ ربِّهم جهرةً، بعدَ ما أحْياهم اللهُ فبعَثهم مِن صَعْفتِهم- العجلَ الذي كان السامريُّ نبَذ فيه ما نبَذ مِن القَبْضةِ التي قبَضَها مِن أَثَرِ فرسِ جِبريلَ ، إلهًا يَعْبُدونَه مِن دونِ اللهِ.


(١) تقدم في ١/ ٦٨٧ - ٦٩٠.
(٢) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ذكر".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "رأوا الله".
(٤) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٢٣٨ إلى المصنف وابن المنذر.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "باختلاف".
(٦) تقدم في ٦٩٠، ٦٩١.