للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منكم اليومَ بالجنةِ؟ فقال رجلٌ منهم: أنا. فخرَج إليهم فقال: أنا عيسى. وقد صوَّره اللهُ على صورةِ عيسى، فأخَذوه فقتَلوه وصلَبوه، فمن ثَمَّ شُبِّه لهم، وقد ظنُّوا أنهم قد قتَلوا عيسى، وظنَّت النصارى مثلَ ذلك أنه عيسى، ورفَع اللهُ عيسى من يومِه ذلك (١).

وقد رُوِى عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ غيرُ هذا القولِ، وهو ما حدَّثني به المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا إسماعيلُ بنُ عبد الكريمِ، قال: ثنى عبدُ الصمدِ بنُ مَعْقِلٍ (٢)، أنه سمِع وهبًا يَقولُ: إن عيسى ابنُ مريمَ لمَّا أعْلَمَه اللهُ جل ثناؤُه أنه خارجٌ من الدنيا جَزِع مِن الموتِ وشقَّ عليه، فدعا الحواريِّين فصنَع لهم طعامًا، فقال: احْضُروني الليلةَ، فإن لى إليكم حاجةً. فلما اجْتَمَعوا إليه [مِن الليلِ] (٣) عَشَّاهم، وقام يَخْدِمُهم، فلمَّا فرَغوا مِن الطعامِ أخَذ يَغْسِلُ أيديَهم، ويُوَضِّئُهم بيدِه، ويَمْسَحُ أيديَهم بثيابِه، فتَعاظَموا ذلك وتَكارَهوه، فقال: ألا مَن ردَّ عليَّ شيئًا الليلةَ مما أَصْنَعُ، فليس مني، ولا أنا منه. فأقرُّوه حتى إذا فرَغ مِن ذلك، قال: أمَّا ما صنَعْتُ بكم الليلةَ مما خدَمْتُكم [على الطعامِ، وغسَلْتُ أيديَكم يبدى، [فَلْيَكُنْ لكم بي] (٤) أُسْوةٌ، فإنكم تَرَوْن أنى خيرُكم] (٥)، فلا يتعاظمْ (٦) بعضُكم على بعضٍ، ولْيَبْذُلْ بعضُكم نفسَه لبعضٍ، كما بذَلْتُ نفسى لكم، وأما حاجتي التي اسْتَعَنْتُكم عليها، فتدْعُون ليَ اللهَ، وتَجْتَهِدون فى الدعاءِ، أن يُؤَخِّرَ أَجَلى. فلما نَصَبوا أنفسَهم


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٢/ ٤٠١، وقال: هذا سياق غريب جدا.
(٢) في الأصل: "معتل".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٥) في الأصل: "فلكم فيّ".
(٦) في ص، م: "يتعظم".