للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للدعاءِ، وأرادوا أن يَجْتَهِدوا، أخَذَهم النومُ، حتى لم يَسْتَطِيعوا دُعاءً، فجعَل يُوقِظُهم ويَقولُ: سبحانَ اللهِ، ما تَصْبِرون لى ليلةً واحدةً تُعِينوني فيها؟ قالوا: واللهِ ما نَدْرِى ما لنا، لقد كنا نَسْمُرُ فنُكْثِرُ السَّمَرَ، وما نُطِيقُ الليلةَ سَمَرًا، وما نُرِيدُ دُعاءً إلا حِيلَ بينَنا وبينَه. فقال: يُذْهَبُ بالراعي وتَتَفَرَّقُ الغنمُ. وجعَل يَأْتي بكلامٍ نحوَ هذا يَنْعَى به نفسَه، ثم قال: الحقُّ لِيَكْفُرَنَّ بي أحدُكم قبلَ أن يَصِيحَ الدِّيكُ ثلاثَ مراتٍ، وليبيعَنَّنِي أحدُكم بدراهمَ يَسيرةٍ ولَيَأْكُلَنَّ ثمنى. فخرَجوا وتفَرَّقوا، وكانت اليهودُ تَطْلُبُه، فأخَذُوا شَمْعونَ أحدَ الحواريِّين، فقالوا: هذا مِن أصحابِه فجحَد وقال: ما أنا بصاحبِه. فترَكوه، ثم [اخَذَه آخرون، فجحَد] (١) كذلك، ثم سمع صوتَ دِيكٍ (٢)، فبكَى وأحْزَنه، فلمَّا أَصْبَحَ أَتَى أحدُ الحواريِّين إلى اليهودِ، فقال: ما تَجْعَلون لى إن دَلْلتُكم على المسيحِ؟ فجعَلوا له ثلاثين درهمًا، فأخَذها ودلَّهم (٣) عليه -وكان شُبِّه عليهم قبلَ ذلك- فأَخَذُوه، فاسْتَوْثَقوا منه، وربَطوه بالحبلِ، فجعَلوا يَقُودُونه ويقولون: أنت كنتَ تُحْيِى المَوْتَى، وتَنْتَهِرُ الشيطانَ، [وتُبْرِئُ المجنونَ] (٤)، أفلا تَفْتَحُ (٥) نفسَك مِن هذا الحبلِ؟ ويَبْصُقون عليه، ويُلْقُون عليه الشَّوْكَ، حتى أتَوْا به الخشبةَ التي أرادوا أن يَصْلُبوه عليها، فرفَعه اللهُ إليه، وصلَبوا ما شُبِّه لهم، فمكَث سبعًا. ثم إنَّ أمَّه والمرأةَ التي كان يُداوِيها عيسى، فأَبْرَأَها اللهُ مِن الجنونِ جاءتا تَبْكِيان حيث المصلوبُ، فجاءَهما عيسى، فقال: علامَ تَبْكِيان؟ قالتا: عليك. فقال: إني قد


(١) في الأصل: "أخذ آخرون فجحدوا".
(٢) بعده في الأصل: "كذلك".
(٣) في الأصل: "وحلم".
(٤) في الأصل: "فيبرأ المجنونُ".
(٥) في ص، م: "تنجى".