للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ (١) [البقرة: ١٧٧].

وقال آخرون: بل المقيمون الصلاةَ من صفةِ غيرِ الراسخين فى العلمِ فى هذا الموضعِ، وإن كان الراسخون فى العلمِ من المقيمين الصلاةَ.

وقال قائلو هذه المقالةِ جميعًا: موضعُ المقيمين فى الإعرابِ خفضٌ؛ فقال بعضُهم: موضعُه خفضٌ على العطفِ على "ما" التي فى قولِه: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾: ويؤمنون بالمقيمين الصلاةَ.

ثم اخْتَلَف متأوِّلو ذلك (٢) هذا التأويلَ فى معنى الكلامِ؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: والمؤمنون يؤمنون بما أُنزِل إليك وما أُنْزِل من قبلِك وبإقامِ الصلاةِ، قالوا: ثم ارْتَفع قولُه: ﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. عطفاً على ما فى ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ من ذكرِ المؤمنين. كأنه قيل: والمؤمنون يؤمنون بما أُنْزِل إليك هم (٣) والمؤتون الزكاةَ.

وقال آخرون: بل المقيمون الصلاةَ الملائكةُ. قالوا: وإقامتُهم الصلاةَ تسبيحُهم ربَّهم، واستغفارُهم لمن فى الأرضِ. قالوا: ومعنى الكلامِ: والمؤمنون يؤمنون بما أُنْزِل إليك وما أُنْزِل من قبلِك وبالملائكةِ.

وقال آخرون منهم: بل معنى ذلك: والمؤمنون يؤمنون بما أُنْزِلَ إليك وما أُنْزِل من قبلك، ويؤمنون بالمقيمين الصلاةَ، هم والمؤتون الزكاةَ. كما قال جلَّ ثناؤُه: ؤمن ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١]. وأَنْكَر قائلو هذه المقالةِ أن يكونَ


(١) ينظر ما تقدم فى ٣/ ٨٩، ٩٠.
(٢) بعده فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فى".
(٣) زيادة من: م.