للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى علمٍ منه بذلك منكم أمَركم ونهاكم، ﴿حَكِيمًا﴾. يعنى: حكيمًا فى أمرِه إيَّاكم بما أمَركم به، وفى نهيِه إيَّاكم عما نهاكم عنه، وفى غيرِ ذلك من تدبيرِه فيكم وفى غيرِكم من (١) خلقِه.

واخْتَلف أهلُ العربيةِ فى المعنى الذى من أجلِه نُصِب قولُه: ﴿خَيْرًا لَكُمْ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ: نُصِب ﴿خَيْرًا﴾ على الخروجِ مما قبلَه من الكلامِ؛ لأنّ ما قبلَه من الكلامِ قد تمَّ، وذلك قولُه: ﴿فَآمِنُوا﴾. وقال: قد سمِعتُ العربَ تفعَلُ ذلك فى كلِّ خبرٍ كان تامًّا، ثم اتصل به كلامٌ بعدَ تمامِه، على نحوِ اتصالِ "خير" (٢) بما قبلَه، فتقولُ: لتقومَنَّ خيرًا لك. و: لو فعَلتَ ذلك خيرًا لك. و: اتقِ اللهَ خيرًا لك. قال: فأما إذا كان الكلامُ ناقصًا، فلا يكونُ إلا بالرفعِ، كقولِك: إن تتقِ اللهَ خيرٌ لك. و: إنْ تَصْبِرُ (٣) خَيْرٌ لك (٤).

وقال آخرُ منهم (٥): جاء النصبُ فى "خير"؛ لأن أصلَ الكلامِ: فآمنوا هو خيرٌ لكم. فلما سقَط "هو" الذى هو مصدرٌ، اتصلَ الكلامُ بما قبلَه، والذي قبلَه معرفةٌ،، وخبرُه (٦) نكرةٌ، فانتصب لاتصالِه بالمعرفةِ، لأن الإضمارَ من الفعلِ: قم فالقيامُ خيرٌ لك. و: لا تقمْ فتركُ القيامِ خيرٌ لك. فلما سقَط اتَّصل بالأولِ. وقال: ألا ترى أنك ترى الكنايةَ عن الأمرِ تصلُحُ قبلَ الخبِر، فتقولُ للرجلِ: اتقِ اللهَ هو خيرٌ لك. أى: الاتقاءُ خيرٌ لك. وقال: ليس نصبُه على إضمارِ "يكن"؛ لأن ذلك يأتى


(١) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وفى".
(٢) فى الأصل، ت ١: "خبر".
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تصبروا".
(٤) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "لكم".
(٥) ينظر معانى القرآن للفراء ١/ ٢٩٥.
(٦) فى ص، م: "خير".