للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقياسٍ يُبْطِلُ هذا، ألا ترى أنك تقولُ: اتقِ اللهَ تكنْ محسِناً. ولا يجوزُ أن تقولَ: اتقِ اللهَ محسِناً. وأنت تُضْمِرُ "كان"، ولا يصلُحُ أن تقولَ: انصُرْنا أخانا. وأنت تريدُ: تكنْ أخانا. وزعَم قائلُ هذا القولِ أنه لا يُجيزُ ذلك إلا فى "أفعل" (١) خاصَّةً، فتقولُ: افعَلْ كذا خيرًا لك. و: لا تفعَلْ هذا خيرًا لك وأفضلَ لك. ولا تقولُ (٢): صلاحاً لك. وزعَم أنه إنما قيل مع "أفعل"؛ لأن "أفعل" تَدلُّ على أن هذا أصلحُ من ذلك.

وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ (٣): نُصِب ﴿خَيْرًا﴾؛ لأنه حينَ قال لهم: ﴿فَآمِنُوا﴾. أمَرهم بما هو خيرٌ لهم، فكأنه قال: اعمَلوا خيرًا لكم. وكذلك: ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾. قال: وهذا إنما يكونُ فى الأمرِ والنهىِ خاصَّةً، ولا يكونُ فى الخبِر، لا تقولُ (٢): أنا (٤) أنتهى خيرًا لى. ولكن يُرْفَعُ على كلامين؛ لأن الأمرَ والنهىَ يُضْمَرُ فيهما، فكأنك أَخْرَجتَه من شيءٍ إلى شيءٍ؛ لأنك حينَ قلتَ له: انتهِ (٥). كأنك قلتَ له: اخرُجْ من ذا، وادخُلْ (٦) فى آخَرَ. وَاسْتَشْهَد بقولِ عمرَ بنِ أبي ربيعةَ (٧):

فوَاعِدِيهِ سَرْحَتَىْ (٨) مالكٍ … أو الرُّبَا (٩) بينَهما أَسْهَلَا


(١) فى ص، ت ٢: "أفعال"
(٢) فى الأصل: "تقل".
(٣) ينظر الكتاب ١/ ٢٨٢ وما بعدها.
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إن".
(٥) فى النسخ "اتقه". والمثبت من الكتاب.
(٦) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "اخرج".
(٧) ديوانه ص ٣٤٩.
(٨) فى الديوان: "سدرتى". والسرحة واحدة السرح: شجر كبار عظام طوال، لا يرعى، وإنما يستظل فيه أو هو كل شجر لا شوك فيه. التاج (س ر ح).
(٩) فى الديوان: "ذا الذى": والربا مثلثة الراء: كل ما ارتفع من الأرض. اللسان (ر ب و).