للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوزُ فيه من وجهين: أحدُهما، الذمُّ. والآخرُ، القطعُ من الهاءِ والميمِ اللتين في ﴿وَتَرَكَهُمْ﴾، أو من ذكرِهم في ﴿لَا يُبْصِرُونَ﴾. وقد بيَّنا القولَ الذي هو أوْلَى بالصوابِ في تأويلِ ذلك.

والقراءةُ التي هي القراءةُ (١)، الرفعُ دونَ النصبِ؛ لأنه ليس لأحدٍ خلافُ رسومِ مصاحفِ المسلمين، وإذا قرِئ نصبًا كانت قراءةً مخالفةً رسمَ مصاحِفِهم (٢).

قال أبو جعفرٍ: وهذا خبر من اللهِ جلَّ ثناؤُه عن المنافقين، أنهم باشترائِهم الضلالةَ بالهدى لم يكونوا للهدَى والحقِّ مُهْتدين، بل هم صُمٌّ عنهما فلا يسمَعونهما (٣)؛ لغلبةِ خِذلانِ اللهِ عليهم، بُكْمٌ عن القيلِ بهما، فلا ينطِقون بهما - والبُكْمُ الخُرْسُ، وهو جِماعُ (٤) أبكمَ - عُمْيٌ عن أن يُبْصِروهما فيعقِلوهما؛ لأنَّ اللهَ قد طبَع على قلوبِهم بنفاقِهم فلا يَهْتَدون.

وبمثلِ ما قلنا في ذلك قالت علماءُ أهلِ التأويل.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا محمدُ (٥) بنُ حميدٍ، قال: حدَّثنا سَلمةُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾: عن الخيرِ (٦).


(١) في م: "قراءة".
(٢) بعده في ر، ت ١، ت ٢: "القول في تأويل قوله: صم بكم عمي".
(٣) في ر: "يسمعون بهما".
(٤) في م: "جمع".
(٥) في م: "عبد".
(٦) تقدم أول هذا الأثر في ص ٣٣٦.