للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتكلَّمُ بلسانِ شيطانٍ" - فلما أَخْبَره النبيُّ قال: انْظُروا لعلِّي أُسْلِمُ، ولى من أُشاورُه (١). فخرَج من عندِه، فقال رسولُ اللهِ : "لقد دخَل بوجهِ كافرٍ، وخرَج بعَقِبِ غادرٍ". فمرَّ بسَرْحٍ (٢) من سَرْحِ المدينةِ، فساقه، فانطلق به وهو يرتجزُ (٣):

قَدْ لفَّها الليلُ بسوَّاقٍ حُطَمْ (٤)

ليس براعى إبلٍ ولا غَنَمْ

ولا بجزَّارٍ على ظَهْرِ الوَضَمُ (٥)

باتوا نيامًا وابنُ هندٍ لم يَنَمْ

بات يقاسيها غلامٌ كالزُّلَمْ (٦)

خَدَلَّجُ الساقين (٧) ممسوحُ القَدَمْ

ثم أَقْبَل من عامِ قابلٍ حاجًّا، قد قلَّد الهَدْىَ (٨)، فأراد رسولُ اللهِ أن يبعَثَ إليه، فنزَلت هذه الآيةُ، حتى بلَغ: ﴿وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾. قال له ناسٌ من


(١) في الأصل: "أساوره".
(٢) السَّرْح: المال يُسام في المرعى من الأنعام. اللسان (س ر ح).
(٣) هذا الرجز روى بأكثر من وجه ونسب إلى غير واحد. فنسبه في الأغانى ١٥/ ٢٥٤، وجمهرة اللغة ٣/ ١٧، وحماسة أبى تمام ١/ ٢٠٦، ٢٠٧ - إلى رشيد بن رميص العنزى، ونسبه في البيان والتبيين ٢/ ٣٠٨، والكامل ١/ ٣٨١ إلى الحجاج بن يوسف، ونسبه في الحماسة الشجرية ١/ ١٤٤ إلى الأغلب العجلي، ونسبه في سمط اللآلئ ٢/ ٧٢٩ إلى الحُطَم القيسى.
(٤) الحطم: العنيف برعاية الإبل في الشوق والإيراد والإصدار، ويلقى بعضها على بعض ويعسفها. النهاية ١/ ٤٠٢.
(٥) الوضم: كل شيء يوضع عليه اللحم من خشب أو بارية يوقى به من الأرض. اللسان (وض م).
(٦) الزُّلَم والزَّلَم: القِدْح الذي لا ريش عليه. اللسان (ز ل م).
(٧) خدلج الساقين: عظيمهما. اللسان (خدلج).
(٨) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وأهدى".