للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كان الشعبيُّ يَقْرَأُ: (وأرجلِكم) بالخفضِ (١).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن الحسنِ بن صالحٍ، عن غالبٍ، عن أبي جعفرٍ أنه قرَأ: (وأرجلِكم) بالخفضِ.

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن سلمةَ، عن الضحاكِ أنه قرَأ: (وأرجلِكم) بالكسر.

والصوابُ مِن القولِ عندَنا في ذلك أن الله عزَّ ذكرُه أمرَ بعمومِ مسحِ الرِّجليْن بالماءِ في الوضوءِ، كما أمَر بعمومِ مسحِ الوجهِ بالترابِ في التيممِ، وإذا فعَل ذلك بهما المتوضئُ كان مُسْتَحِقًّا اسمَ "ماسحٍ غاسلٍ"؛ لأن غسلَهما إمْرارُ الماءِ عليْهما أو إصابتُهما بالماءِ، ومسحَهما إمرارُ اليدِ أو ما قام مَقامَ اليد عليهما، فإذا فعَل ذلك بهما فاعلٌ فهو غاسلٌ ماسحٌ.

ولذلك مِن احتمالِ "المسحِ" المعْنَيَيْن اللذين وصَفْتُ مِن العمومِ والخصوصِ، اللذيْن أحدُهما مسحٌ ببعضٍ، والآخرُ مسحٌ بالجميعِ - اخْتَلَفت قراءةُ القرَأةِ في قولِه: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ فنصَبها بعضُهم توجيهًا منه ذلك إلى أن الفرضَ فيهما الغسلُ، وإنكارًا منه المسحَ عليهما، مع تَظاهُرِ الأخْبارِ عن رسولِ اللهِ بعمومِ مسحِهما بالماءِ، وخفَضها بعضُهم توجيهًا منه ذلك إلى أن الفرضَ فيهما المسحُ.

ولمَّا قلنا في تأويلِ ذلك: إنه معنيٌّ به عمومُ مسحِ الرِّجْلين بالماءِ. كرِه مَن كرِه للمُتوضِّيءُ الاجتزاءَ بإدخالِ رجليْه في الماءِ دون مسحِهما بيدِه، أو بما قام مَقامَ اليدِ، توجيهًا منه قولَه: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ إلى مسحِ


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٢٠ - تفسير) من طريق داود بن أبي هند وإسماعيل به.