للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الرهطُ الذين كان موسى بعَثهم لِيَتَحَسَّسوا (١) الأرضَ، ثم حرَّشوا الجماعة، فأَفْشَوا فيهم خبرَ الشرِّ، فماتوا كلُّهم بغتةً، وعاش يوشعُ وكالبُ بنُ يوفنا من الرهطِ الذين انطلقوا يتحسَّسون الأرضَ.

فلما قال موسى هذا الكلامَ كلَّه لبنى إسرائيلَ، حزِن الشعبُ حزنًا شديدًا، وغدَوْا [فارتقَوا إلى] (٢) رأسِ الجبلِ، وقالوا: نَرْتَقِى الأرضَ التي قال جلَّ ثناؤُه؛ من أجلِ أنّا قد أخطأنا. فقال لهم موسى: لِمَ تَعْتَدون في كلامِ اللهِ؟ من أجلِ ذلك لا يصلُحُ لكم عملٌ، ولا تصعَدوا من أجلِ أن الله ليس معكم، فالآنَ تنكِسرون من قُدَّامِ أعدائِكم، من أجلِ العمالقةِ والكنعانيين أمامَكم، فلا تقعوا في الحربِ من أجلِ أنكم انقلبتم على اللهِ، فلم يكنِ اللهُ معكم. فأخَذوا يَرْقُون في الجبلِ، ولم يبرَحِ التابوتُ الذي فيه مواثيقُ اللهِ جلَّ ذكرُه وموسى من المحِلَّةِ - يعنى من الخيمة (٣) - حتى هبَط العماليقُ والكنعانيون في ذلك الحائطِ، فحرَقوهم وطرَدوهم وقتَلوهم. فتيَّههم اللهُ عزَّ ذكرُه في التيهِ أربعين سنةً بالمعصيةِ، حتى هلَك من كان اسْتَوْجب المعصيةَ من اللهِ في ذلك. قال: فلما شبَّ النواشئُ من ذراريِّهم، وهلَك آباؤهم، وانقضت الأربعون سنةً التي تُيِّهوا فيها، سار بهم موسى، ومعه يوشعُ بنُ نونٍ وكالبُ بنُ يوفنا - وكان فيما يزعُمون على مريمَ ابنةِ عِمْرانَ أختِ موسى وهارونَ، وكان لهما صهرًا - قدَّم يوشعَ بنَ نونٍ إلى أريحا في بني إسرائيلَ، فدخَلها بهم، وقتَل بها الجبابرةَ الذين كانوا فيها ثم دخَلها موسى ببنى إسرائيلَ، فأقام فيها ما شاء اللهُ أن يُقِيمَ، ثم قبَضه اللهُ إليه لا يعلَمُ بقبرِه أحدٌ من


(١) في م، ت ١، ت ٢: "يتجسسون".
(٢) في م: "فارتفعوا على".
(٣) في النسخ: "الحكمة". والمثبت مستفاد من سفر العدد الأصحاح ٢/ ١٧، وفيه أن خيمة الاجتماع هي محلة اللاويين.