للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا هابيلُ قد قُتِلا جميعًا … وصار الحيُّ كالمَيِتِ (١) الذَّبِيح

وجاء بشرَّةٍ قد كان منها … على خَوْفٍ فجاء بها يَصيحُ (٢)

وأما القولُ في تقريبهما ما قرَّبا، فإن الصوابَ فيه من القولِ أن يقالَ: إن الله عزَّ ذكرُه أَخْبَر عبادَه عنهما أنهما قد قرَّبا، ولم يُخْبِرُ أن تَقْريبَهما ما قرَّبا كان عن أمرِ اللهِ إياهما به، ولا عن غيِر أمرِه، وجائزٌ أن يكونَ كان عن أمرِ اللهِ إياهما بذلك، وجائزٌ أن يكونَ عن غيرِ أمرِه، غيرَ أنه أيُّ ذلك كان، فلم يُقَرِّبا ذلك إِلا طَلَبَ قُرْبةٍ إِلى اللَّهِ عز ذكرُه إن شاء اللهُ

وأما تأويلُ قولِه: ﴿قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ﴾. فإن معناه: قال الذي لم يُتَقَبَّلْ منه قُرْبانُه للذى تُقُبِّلَ منه قربانُه: لأَقْتُلَنَّك. فتَرَك ذِكْرَ المُتَقَبَّل قربانُه، والمردودِ عليه قربانُه؛ استغناءً بما قد جرَى مِن ذكرِهما عن إعادتِه. وكذلك ترَك ذكرُ المتقبَّلِ قربانُه مع قولِه: ﴿قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.

وبنَحوِ ما قلنا في ذلك رُوِى الخبرُ عن ابن عباسٍ.

حدَّثنا محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ﴾: فقال له أخوه: ما ذَنْبي؟ إنما يتقبَّلُ اللَّهُ مِن المُتَّقِين (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّمَا


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بالميت".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٤٥.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية ١/ ٢٢١ بعد إيراده هذه الأبيات: وهذا الشعر فيه نظر، وقد يكون آدم قال كلاما يتحزن به بلغته، فألَّفه بعضهم إلى هذا، وفيه إقواء، والله أعلم.
(٣) تقدم بتمامه في ص ٣١٩.