للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميِّتَ، ﴿فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي﴾. فواراه حينَئذٍ، ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾، على ما فرَط منه مِن معصيةِ اللهِ عزَّ ذكرُه في قَتْلِه أخاه.

وكلُّ ما ذكرُ اللهُ ﷿ في هذه الآياتِ مَثَلٌ ضَرَبهِ اللَّهُ لبنى آدمَ، وحَرَّضَ به المؤمنين مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ، على استعمالِ العفوِ والصفحِ عن اليهودِ الذين كانوا هَمُّوا بقتلِ النبيِّ وقَتْلِهِم مِن بنى النَّضِيرِ، إِذ أَتَوْهُم يَسْتَعينونهم في دِيَةِ قَتِيلى عمرِو بن أُميةَ الضَّمْريِّ، وعرَّفَهم جلَّ وعَزَّ رَداءَةَ سَجِيَّةِ أوائِلِهم، وسوءَ استقامتِهم على منهجِ الحقِّ (١)، مع كثرةِ أياديه وآلائه عندَهم، وضرَب مثلَهم في غَدْرِهم (٢) ومثلَ المؤمنين في الوفاءِ لهم والعفوِ عنهم، بابْنَيْ آدَمَ المُقَرِّبَيْنِ قرابينَهما اللذَيْن ذَكَرَهما اللهُ في هذه الآياتِ.

ثم ذلك مثَلُ لهم على التَّأسِّى بالفاضلِ منهما دونَ الطالحِ (٣). وبذلك جاء الخبرُ عن رسولِ اللهِ .

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعتمرُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، قال: قلتُ لبكرِ بن عبدِ اللَّهِ: أَمَا بَلَغَك أن نبيَّ اللهِ قال: "إن اللهُ جلَّ وعزَّ ضَرَبَ لكم ابْنَى آدمَ مثَلًا، فخُذوا خيرَهما، ودَعُوا شرَّهما"؟ قال (٤): بلى (٥).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسنِ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إن ابْنَىْ آدمَ ضُرِبا مثلًا لهذه الأمةِ، فخُذوا


(١) في م: "الحج".
(٢) في م، ت ١، ت ٢ "عدوهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الصالح".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قالوا".
(٥) عزاه ابن كثير في تفسيره ٣/ ٨٥، والسيوطى في الدر المنثور ٢/ ٢٧٥ إلى المصنف.