للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنتُ حاربتُ الله ورسولَه، وسَعَيْتُ في الأرضِ، وإني تبتُ مِن قبلِ أن يُقْدَرَ عليَّ. فقام أبو موسى فقال: هذا فلانُ بنُ فلانٍ، وإنه كان حارب الله ورسولَه، وسعَى في الأرض فسادًا، وإنه تاب قبلَ أن يُقدَرَ عليه، فمَن لَقِيَه فلا يَعرِضْ له إلا بخير [وتوبةٍ] (١). فأقام الرجلُ ما شاءَ اللَّهُ، ثم إنه خرَج فَأَدْرَكَهُ اللَّهُ بذنوبِه فقتَله (٢).

حدَّثني الحارث بنُ محمدٍ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا سفيانُ، عن إسماعيلَ السديِّ، عن الشعبيِّ، قال: جاء رجلٌ إلى أبي موسى. فذكر نحوَه (٣).

حدَّثني عليُّ بنُ سهلٍ، قال: ثنا الوليد بنُ مسلمٍ، قال: قلتُ لمالكٍ: أرأيتَ هذا المحاربَ الذي قد أخاف السبيلَ، وأصاب الدمَ والمالَ، فلَحِقَ بدارِ الحربِ، أو تَمَنَّعَ في بلادِ الإسلام، ثم جاء تائبًا من قبلِ أن يُقْدَرَ عليه؟ قال: تُقْبَلُ توبتُه. قال: قلتُ: فلا يُتْبَعُ بشيءٍ مِن أَحْداثِه؟ قال: لا، إلا أن يُوجَدَ معه مالٌ بعينِه، فيُرَدَّ إلى صاحبِه، أو يَطْلُبَه وَليُّ مَن قُتِل بدمٍ في حربِه يَثْبُتُ ببَيِّنةٍ أو اعترافٍ فيُقادَ به، وأما الدِّماءُ التي أصابَها ولم يَطْلُبْها أولياؤها فلا يَتْبَعُه الإمامُ بشيءٍ. قال عليٌّ: قال الوليدُ: فذكرتُ ذلك لأبي عمرٍو، فقال: تُقْبَلُ توبتُه إذا كان محارِبًا للعامةِ والأئمةِ قد آذاهم بحربِه، فشهَر سلاحَه، وأصاب الدماءَ والأموالَ، فكانتْ له مَنَعَةٌ، أو فِئَةٌ يَلجَأُ إليهم، أو لَحِق بدارِ الحربِ، فارْتَدَّ عن الإسلامِ، أو كان مقيمًا عليه، ثم جاء تائبًا مِن قبلِ أن يُقْدَرَ عليه، قُبِلَتْ توبتُه، ولم يُتْبَعْ بشيءٍ منه.


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/ ٢٨٢، والبيهقى ٨/ ٢٨٤ من طريق أشعث به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٩ إلى عبد بن حميد.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٦٦ عن المصنف.