للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا الوليدُ، قال: قال أبو عمرٍو: سَمِعتُ ابنَ شهابٍ الزُّهْرِيَّ يقولُ ذلك.

حدَّثني عليُّ بنُ سهلٍ، قال: ثنا الوليدُ، قال: فذكرتُ قولَ أبي عمرٍو ومالكٍ لِليْثِ بن سعدٍ في هذه المسألة، فقال: إذا أَعْلَن بالمحارَبةِ العامَّة والأئمةَ، وأصاب الدماء والأموالَ، فامْتَنَع بمحاربتِه مِن الحكومةِ عليه (١)، أو لَحِق بدارِ الحربِ، ثم جاء تائبًا من قبلِ أن يُقْدَرَ عليه، قُبِلَتْ توبتُه، ولم يُتْبَعْ بشيءٍ مِن أحداثِه في حربهِ مِن دمِ خاصَّةٍ ولا عامَّةٍ، وإن طَلَبَه وليُّه (٢).

حدَّثنى عَليٌّ، قال: ثنا الوليدُ، قال: قال الليثُ: وكذلك ثنى موسى بنُ إسحاقَ المَدَنيُّ - وهو الأمرُ (٣) عندنا - أن عليًّا الأَسَديَّ حارب، وأخاف السبيلَ، وأصاب الدمَ والمالَ، فطَلَبَتْه الأئمةُ والعامةُ، فامْتَنَع ولم يُقْدَرُ عليه، حتى جاء تائبًا، وذلك أنه سَمِع رجلًا يقرأُ هذه الآية: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ الآية [الزمر: ٥٣]. فوقَف عليه فقال: يا عبدَ الله، أعِدْ قراءتَها. فأعادَها عليه، فغَمَد سيفَه، ثم جاء تائبًا، حتى قَدِم المدينةَ مِن السَّحَرِ، فَاغْتَسَل ثم أتى مسجدَ رسولِ اللهِ فصلَّى الصبحَ، ثم قعَد إلى أبى هُريرةَ في غمارِ (٤) أصحابِه، فلما أَسْفَروا (٥) عرَفه الناسُ، وقاموا إليه، فقال: لا سبيلَ لكم عليَّ، جئتُ تائبًا من قبلِ أن تَقْدروا عليَّ. فقال أبو هريرة: صدَق. وأَخَذ بيدِه أبو هريرةَ، حتى أتى مَرْوانَ بنَ الحكمِ في إِمْرَتِه على المدينةِ في زمنِ معاويةَ، فقال: هذا عليٌّ جاء تائبًا، ولا


(١) الحُكْم: القضاء. حكَم عليه بالأمرِ يَحْكُم حُكمًا وحكومةً. اللسان (ح ك م).
(٢) ينظر التبيان ٣/ ٥٠٦.
(٣) في م: "الأمير".
(٤) غَمْرَةُ الناسِ وغَمْرُهم وغُمارهم وغِمارهم: جماعتهم ولَفيفهم وزحمتهم. ينظر اللسان (غ م ر).
(٥) في م: "أسفر" وأسفر القوم: إذا أصبحوا. تاج العروس (س ف ر).