للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخْبَرَنى رجلٌ مِن مُزَيْنةَ ممَّن يَتَّبِعُ العلمَ ويَعِيه، حدَّث (١) سعيدَ بنَ المسيَّبِ، أن أبا هريرةَ قال: بيْنا نحن مع رسولِ اللَّهِ إذ جاءه رجلٌ مِن اليهودِ، وكانوا قد شاوَرُوا في صاحبٍ لهم زنَى بعدَ ما أحْصَن، فقال بعضُهم لبعضٍ: إن هذا النبيَّ قد بُعِث، وقد علِمْتُم أن قد فُرِض عليكم الرجمُ في التوراةِ فكتَمْتُموه، [واصَّلَحْتُم بينَكم] (٢) عقوبةً دونَه، فانْطَلِقوا فنَسْأَلَ هذا النبيَّ، فإن أفْتانا بما فُرِض علينا في التوراةِ مِن الرجمِ ترَكْنا ذلك، فقد ترَكْنا ذلك في التوراةِ، فهى أحقُّ أن تُطاعَ وتُصَدَّقَ. فأتَوْا رسولَ اللَّهِ ، فقالوا: يا أبا القاسمِ، إنه زنَى صاحبٌ لنا قد أحْصَن، فما تَرَى عليه مِن العقوبةِ؟ قال أبو هريرةَ: فلم يَرْجِعْ إليهم رسولُ اللَّهِ حتى قام وقمْنا معه، فانْطَلَق يَؤُمُّ مِدْراسَ اليهودِ حتى أتاهم، فوجَدَهم يَتَدارَسون التوراةَ في بيتِ المِدْراسِ، فقال لهم: "يا مَعْشرَ يهودَ، أَنْشُدُكم باللَّهِ الذي أنْزَل التوراةَ على موسى، ماذا تَجِدون في التوراةِ مِن العقوبةِ على مَن زنَى وقد أحْصَن؟ ". قالوا: إنا نَجِدُه يُحَمَّمُ ويُجْلَدُ. وسكَت حبرُهم في جانبِ البيتِ، فلمَّا رأَى رسولُ اللَّهِ صمْتَه [ألَظَّ يَنْشُدُه] (٣)، فقال حَبْرُهم: اللهمَّ إذ نشَدْتَنا، فإنا نَجِدُ عليهم الرجمَ. فقال له رسولُ اللَّهِ : "فماذا كان أولَ ما ترَخَّصْتم به أمرَ اللَّهِ؟ ". قال: زنَى ابن عمِّ مَلِكٍ فلم يَرْجُمْه، ثم زنَى رجلٌ آخرُ في أُسْرَةٍ مِن الناسِ، فأراد ذلك الملكُ رَجْمَه، فقام دونَه قومُه، فقالوا: واللَّهِ لا تَرْجُمُه حتى تَرْجُمَ فلانًا. ابنَ عمِّ الملكِ. [فاصَّلَحوا بينَهم] (٤) عقوبةً دونَ الرَّجْمِ، وترَكوا الرَّجْمَ، فقال رسولُ اللَّهِ : "فإنى أَقْضِى بما في التَّوراةِ". فأنْزَل اللَّهُ في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا


(١) بعده في م، ت ٢: "عن".
(٢) في م: "واصطلحتم بينكم على".
(٣) في م: "ألظ به النشدة"، وفى س: "جعل ينشده".
(٤) في م: "فاصطلحوا بينهم على".