للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأهْدَى له جاريةً، فغضِب غضبًا شديدًا، وقال: لو علِمْتُ أنك تَفْعَلُ هذا ما كلَّمْتُ في حاجتِك، ولا أُكَلِّمُ فيما بقِى مِن حاجتِك، سمِعْتُ ابنَ مسعودٍ يقولُ: مَن شفَع شَفاعةً لِيَرُدَّ بها حقًّا، أو يَرْفَعَ بها ظلمًا، فأُهْدِى له فقبِل، فهو سُحْتٌ. فقيل له: يا أبا عبدِ الرحمنِ، ما كنا نُرَى ذلك إلا الأخذَ على الحكمِ. قال: الأخْذُ على الحكمِ كفرٌ.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾: وذلك أنهم أخَذوا الرِّشُوةَ في الحكمِ، وقضَوْا بالكذبِ (١).

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: ثنا عَبِيدةُ، عن عمارٍ، عن مسلمٍ بن صُبَيْحٍ، عن مسروقٍ، قال: سأَلْتُ ابنَ مسعودٍ عن السُّحْتِ، أهو الرِّشَا في الحكمِ؟ فقال: لا، مَن لم يَحْكُمْ بما أنْزَل اللَّهُ فهو كافرٌ، ومَن لم يَحْكُمْ بما أنْزَل اللَّهُ فهو ظالمٌ، ومَن لم يَحْكُمْ بما أنْزَل اللَّهُ فهو فاسقٌ، ولكنَّ السُّحْتَ؛ يَسْتَعِينُك الرجلُ على المَظْلِمةِ فتُعِينُه عليها، فيُهْدِى لك الهديةَ فتَقْبَلُها (٢).

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: ثنا ابن فُضَيْلٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عبدِ (٣) اللَّهِ بن هبَيْرةَ السَّبَئيِّ، قال: مِن السُّحْتِ ثلاثةٌ؛ مَهْرُ البَغِيِّ، والرِّشْوةُ في الحكمِ، وما كان يُعْطَى الكُهَّانُ في الجاهليةِ (٤).

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: ثنا ابن مُطِيعٍ، عن حمادِ بن سلمةَ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عن ضَمْرةَ، عن عليِّ بن أبى طالبٍ أنه قال في كسبِ الحَجَّامِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وثمنِ


(١) أخرجه وكيع في أخبار القضاة ١/ ٥٣ عن محمد بن سعد به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٣٤ (٦٣٨٢)، والطبرانى (٩٠٩٨)، والبيهقى (٥٥٠٤) من طريق مسروق به. وعزاه السيوطي ٢/ ٢٨٣ إلى أبى الشيخ.
(٣) في النسخ: "عبيد". وتقدم على الصواب في ٤/ ٣٧٢.
(٤) أخرجه وكيع في أخبار القضاة ١/ ٥٤ من طريق يحيى بن سعيد به مقتصرًا على قوله: الرشوة في الحكم.