للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الشريفُ إذا زنَى بالدَّنيئةِ رجَموها هي، وحمَّمُوا وجهَ الشريفِ، وحمَلوه على البعيرِ، و (١) جعَلوا وجْهَه مِن قِبَلِ ذَنَبِ البعيرِ، وإذا زنَى الدَّنيءُ بالشريفةِ رجَموه، وفعَلوا بها هي ذلك، فتَحاكَموا إلى النبيِّ فرجَمَها. قال: وكان النبيُّ قال لهم: "مَن أَعْلَمُكم بالتوراةِ؟ " قالوا: فلانٌ الأعْورُ (٢). فأَرْسَل إليه فأتاه، فقال: "أنت أعْلَمُهم بالتوراةِ؟ ". قال: كذاك تَزْعُمُ يَهودُ. فقال له النبيُّ : "أَنْشُدُك باللهِ وبالتوراةِ التي أنْزَلَها على موسى يومَ طُورِ سَيْناءَ، ما تَجِدُ في التوراةِ في الزانِيَيْنِ؟ ". فقال: يا أبا القاسمِ، يَرْجُمون الدَّنِيئةَ، ويَحْمِلون الشريفَ على بعيرٍ، ويُحَمِّمون وجهَه، ويَجْعَلون وجهَه مِن قِبَلِ ذَنَبِ البعيرِ، ويَرْجُمون الدَّنيءَ إذا زنَى بالشريفةِ، ويَفْعَلون بها هي ذلك. فقال له النبيُّ : "أَنْشُدُك باللهِ وبالتَّوراة التي أنْزَلَها على موسى يومَ طُورِ سَيْناءَ، ما تَجِدُ في التَّوراة؟ ". فجعَل يَروغُ والنبيُّ يَنْشُدُه باللَّهِ وبالتَّوراةِ التي أنْزَلها على موسى يومَ طُورِ سَيْناءَ، حتى قال: يا أبا القاسمُ، الشيخُ والشيخةُ إذا زنَيا فارْجُموهما الْبَتَّةَ. فقال رسولُ اللَّهِ : "فهو ذاك، اذْهَبوا بهما فارْجُمُوهما". قال عبدُ اللَّهِ: فكنتُ في مَن رجَمهما، فما زال يُحْنى عليها (٣) ويَقِيها الحجارةَ بنفسِه حتى مات (٤)

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في حكمِ هذه الآيةِ، هل هو ثابتٌ اليومَ؟ وهل للحُكَّامِ مِن الخيارِ في الحكمِ والنظَرِ بينَ أهلِ الذمةِ والعهدِ إذا احتَكموا إليهم مثلُ الذي جعَل لنبيِّه في هذه الآيةِ، أم ذلك مَنْسوخٌ؟ فقال بعضُهم: ذلك ثابتٌ اليومَ لم يَنْسَخه شيءٌ، وللحُكَّامِ مِن الخياِر في كلِّ دهرٍ بهذه الآيةِ مثلُ ما جعلَه اللهُ


(١) في م: "أو".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الأعمى".
(٣) يحنى عليها: يُكِبُّ عليها. اللسان (ح ن ى) وقد ورد بالجيم أيضًا: يجنأ. ينظر الفتح ١٢/ ١٢٩، ١٦٩.
(٤) قوله: قال عبد الله. هو ابن عمر، كما أخرج حديثه البخارى (٦٨١٩، ٦٨٤١)، ومسلم (١٦٩٩)، وأبو داود (٤٤٤٦) بسياق آخر وفيه قوله هذا.