للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى قوله: ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ، قال: أراد رجالٌ، عثمانُ (٢) بن مظعونٍ وعبد الله بنُ عمرٍو، أن يتبتَّلوا، ويَخْصُوا أنفسهم، ويلبسوا المُسُوح (٣)، فنزلت هذه الآيةُ إلى قوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ (٤).

قال ابن جُريجٍ، عن عكرمة: إن عثمانَ بن مظعونٍ وعليَّ بن أبى طالبٍ وابن مسعودٍ والمقداد بن الأسود وسالمًا مولى أبى حُذيفة، في أصحابٍ (٥) تَبَتَّلوا، فجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساءَ، ولبسوا المُسوح، وحرَّموا طيبات الطعام واللباس، إلا ما أكل وليس أهلُ السياحة من بنى إسرائيل، وهمُّوا بالإخصاء (٦)، وأجمعوا لقيام الليل وصيامِ النهار، فنزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. يقولُ: لا تستنُّوا (٧) بغير سنةِ المسلمين. يريدُ ما حرَّموا من النساء والطعام واللباس، وما أجمعوا له من صيام النهار وقيام الليل، وما همُّوا له من الإخصاء، فلما نزلت فىهم بعث إليهم رسول الله ، فقال: "إن لأنفسكم حقًّا، وإنَّ لأعْيُنِكم حقًّا، صُومُوا وأَفْطِرُوا، وَصَلُّوا ونامُوا، فليس منَّا من ترك سُنَّتنا". فقالوا: اللَّهمَّ أَسْلَمْنا واتَّبَعْنا ما أنزَلتَ (٨).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٠٨، ٣٠٩ إلى ابن مردويه.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣، س: "عبد الله".
(٣) المسوح: جمع مسح، وهو كساء من الشعر وثوب يلبسه الراهب.
(٤) ذكره الزيلعى في تخريج الكشاف ١/ ٤١٦، ٤١٧ عن المصنف بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٠٨ إلى المصنف وأبى الشيخ.
(٥) في ص، ت ٢، ت ٣، س: "أصحابه".
(٦) في م: "بالاختصاء".
(٧) في ص: "نسروا"، وفى ت ١، س: "تسيروا".
(٨) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٠٨ إلى المصنف وابن المنذر وأبى الشيخ.