للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قال: ذلك جائزٌ، بل هو كذلك.

قيل: فما أَنْكَرْتَ أن يكونَ ألوانُ ما فيها من ذلك نظيرَ ألوانِ ما في الدنيا منه، بمعنى البياضِ والحمرةِ والصُّفرةِ وسائرِ صنوفِ الألوانِ، وإن تبايَنت فتفاضَلت بفضلِ، حسنِ المَرْآةِ والمنظرِ، فكان لما في الجَنَّةِ من ذلك مِن البهاءِ والجمالِ وحسنِ المَرْآةِ والمنظرِ، خلافُ الذي لما في الدنيا منه، كما كان جائزًا ذلك في الأسماءِ مع اختلافِ المسمَّياتِ بالفضل في أجسامِها؟ ثم يُعكَسُ عليه القولُ في ذلك، فلن يقولَ في أحدِهما شيئًا إلا أُلْزِم في الآخرِ مثلَه.

وكان أبو موسى الأشعريُّ يقولُ في ذلك بما حدَّثنا به محمد بنُ بشَّارٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي عديٍّ وعبدُ الوهَّابِ ومحمدُ بن جعفرٍ، عن عوفٍ، عن قَسَامةَ، عن الأشعريِّ، قال: إن اللهَ لما أَخْرَج آدمَ من الجَنَّةِ زوَّده من ثمارِ الجَنَّةِ، وعلَّمه صنعةَ كلِّ شيْءٍ، فثمارُكم هذه من ثمارِ الجَنَّةِ، غيرَ أن هذه تَغَيَّرُ، وتلك لا تتغيَّرُ (١).

[وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ أنَّ معنى قولِه: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾. أنه متشابةٌ في الفضلِ، أي كلُّ واحدٍ منه له مِن الفضلِ في نحوِه مثلُ الذي للآخرِ في نحوِه.

وليس هذا قَولًا نستجيزُ التشاغلَ بالدَّلالةِ على فسادِه؛ لخرُوجِه عن قولِ جميعِ علماءِ أهلِ التأويلِ. وحسبُ قولٍ بخروجِه عن قولِ جميعِ أهلِ العلمِ دَلالةٌ على خَطَئِه] (٢).


(١) أخرجه البزار (٢٣٤٥ - كشف) من طريق ابن أبي عدي به.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٤٣، والحاكم ٢/ ٥٤٣، والبيهقي في البعث والنشور (١٩٨) من طريق معمر وهوذة بن خليفة، عن عوف به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد - كما في حادي الأرواح ص ١٣٤ - والبزار (٢٣٤٤ - كشف) من طريق ربعي بن علية، عن عوف به مرفوعًا. وعزاه الهيثمي في المجمع ٨/ ١٩٧ إلى الطبراني، وقال: رجاله ثقات.
(٢) سقط من: ر، م، وتقدم مكانه فيهما في ص ٤١٢.