للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: اختلَف أهلُ التأويلِ في المعنى الذي أنزَل اللهُ جلَّ ثناؤه فيه (١) هذه الآيةَ وفي تأويلِها؛ فقال بعضُهم بما حدَّثَنِي به موسى بنُ هارونَ، قال: حَدَّثَنَا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حَدَّثَنَا أسباطُ، عن السدِّيِّ في خبرٍ ذَكَره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ، وعن مرةَ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحابِ النَّبِيِّ : لمّا ضرَب اللهُ هذين المثَليْن للمنافقِين - يعني قولَه: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾. وقولَه: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾.

الآياتِ الثلاث - قال المنافقون: اللهُ أعلى وأجلُّ من أن يضرِبَ هذه الأمثالَ. فأنزَل اللهُ جل ثناؤُه: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ إلى قولِه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (٢).

وقال آخرون بما حدَّثَنِي به أحمدُ بنُ إبراهيمَ (٣)، قال: حَدَّثَنَا قُرادٌ، عن أبي جعفرٍ الرازيِّ، عن الربيعِ بنِ أنسٍ في قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ قال: هذا مثلٌ ضَرَبه اللهُ للدنيا؛ أن البعوضةَ تحيا ما جاعتْ، فإذا سمِنتْ ماتتْ، وكذلك مثلُ هؤلاء القومِ الذين ضَرَبَ اللهُ لهم هذا المثلَ في القرآنِ، إذا امتلئوا من الدنيا رِيًّا، أخَذهم اللهُ عند ذلك. قال: ثم تلا ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ الآية (٤) [الأنعام: ٤٤].


(١) في الأصل: "في".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٤١ إلى المصنّف وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة. وهو عند ابن أبي حاتم ١/ ٦٨ (٢٧٣) من طريق عمرو، عن أسباط، عن السدي من قوله.
(٣) بعده في ر: "الدورقي".
(٤) قال ابن كثير في تفسيره ١/ ٩٣: هكذا رواه ابن جرير، ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، بنحوه، فالله أعلم.
وهو عند ابن أبي حاتم ١/ ٦٨ (٢٧٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٢ إلى أبي الشيخ.