للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعفرٍ، عن الربيعِ بن أنسٍ، عن أبي العاليةِ، عن عبد اللهِ بن مسعودِ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. قال: كانوا عندَ عبدِ اللهِ بن مسعودٍ جلوسًا، فكان بينَ رَجُلَين ما يكونُ بينَ الناسِ، حتى قام كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبِه، فقال رجلٌ من جلساءِ عبدِ اللَّهِ: ألا أقومُ فآمُرُهما بالمعروفِ وأنهاهما عن المنكرِ؟ فقال آخرُ إلى جنبِه: عليك بنفسِك، فإنّ الله تعالى يقولُ: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾. قال: فسمِعها ابن مسعودٍ، فقال: مَهْ، لما (١) يجئْ تأويلُ هذه الآيةِ بعدُ، إن القرآنَ أُنْزِل حيث أُنْزِل، ومنه آىٌ قد مضى تأويلُهن قبلَ أن ينزِلْنَ، ومنه ما وقع تأويلُهن على عهدِ النبيِّ ، ومنه آىٌ قد وقَع تأويلُهن بعدَ النبيِّ بيسيرٍ، ومنه آىٌ يقعُ تأويلُهن بعدَ اليوم، ومنه أي يقعُ تأويلهن عند الساعة على ما ذكر من الساعة، ومنه أي يقع تأويلهن يوم الحساب، على ما ذُكِر من الحسابِ والجنةِ والنارِ، فما دامتْ قلوبُكم واحدةً، وأهواؤُكم واحدةً ولم تُلبسوا شيعًا، ولم يَذُقْ بعضُكم بأسَ بعض، فأْمُروا وانْهَوا، فإذا اخْتَلفت القلوبُ والأهواءُ، وأُلْبِستم شيعًا، وذاق بعضُكم بأسَ بعضٍ، فامرؤٌ ونفْسُه، فعندَ ذلك جاء تأويلُ هذه الآيةِ (٢).

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن أبي جعفرٍ الرازيِّ، عن الربيعِ بن أنسٍ، عن أبي العاليةِ، عن ابن مسعودٍ، أنه كان بينَ رجُلَين بعضُ ما يكونُ بينَ الناس، حتى قام كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبِه. ثم ذكَر نحوَه.


(١) في م: "لم".
(٢) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (٣٨) من طريق إسحاق الرازى به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٧ (٦٩٢٢)، والبيهقى ١٠/ ٩٢، وفى الشعب (٧٥٥٢) من طريق أبي جعفر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٩ إلى عبد بن حميد وأبى الشيخ وابن مردويه.