للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآياتِ نزلتْ في كفارِ أحبارِ اليهودِ الذين كانوا بين ظَهْرانَيْ مُهاجَرِ رسولِ اللهِ ، وما قرُب منها من بقايا بني إسرائيلَ، ومن كان على شركِه من أهلِ النفاقِ الذين قد بيَّنا قَصَصَهم فيما مضَى من كتابِنا هذا.

وقد دلَّلْنا على أن قولَ اللهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾. وقولَه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. فيهم أُنْزِلت، وفي مَن كان على مِثْلِ الذي هم عليه من الشركِ باللهِ، غيرَ أن هذه الآياتِ عندي وإن كانت فيهم نزلَتْ، فإنه مَعْنيٌّ بها كلُّ مَن كان على مثلِ ما كانوا عليه من الضلالِة، ومعنيٌّ بما وافقَ منها صفةَ المنافقين خاصةً جميعُ المنافقين، وبما (١) وافقَ منها صفةَ كفارِ أحبارِ اليهودِ جميعُ (٢) مَن كان لهم نَطيرًا في كفرِهم، وذلك أن اللهَ جلَّ ذكرُه يَعُمُّ أحيانًا جميعَهم بالصفةِ لتقديمِه ذِكْرَ جميعِهم (٣) في أولِ الآياتِ التي ذكَرتْ قَصَصَهم (٤)، ويَخُصُّ بالصفة أحيانًا بعضَهم لِتفصيلِه في أولِ الآياتِ بينَ فَرِيقَيْهِم (٥)، أعنِي فريقَ المنافقِين من عبدةِ الأوثانِ وأهلِ الشركِ باللهِ، وفريقَ كفارِ أحبارِ اليهودِ. فالذين ينقضون عهدَ اللهِ هم التاركونَ ما عهِد اللهُ إليهم من الإقرارِ بمحمدٍ وبما جاء به وتَبْيِينِ نُبوَّتِه للناسِ، والكاتمون بيانَ ذلك بعدَ علْمِهم به وبما قد أخَذ اللهُ عليهم في ذلك، كما قال جلَّ ثناؤُه: (﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ (٦) لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ (٧) فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٨٧]. ونبذُهم ذلك


(١) في ص: "ما".
(٢) في ص: "وجميع".
(٣) في م: "جميعها".
(٤) سقط من: الأصل، ص.
(٥) في م: "فريقهم".
(٦) في ص: "ليبيننه". قراءة وستأتي في موضعها من التفسير.
(٧) في ص: "يكتمونه". وهي قراءة ستأتي.