فَضْلَنا، فإن وفودَ العربِ تأتِيك فنَسْتَحْيِي أن تَرانا العربُ مع هؤلاءِ الأَعْبُدِ، فإذا نحن جِئْناك فأقِمْهم عنا، فإذا نحن فَرَغْنا فاقعُدْ معهم إن شِئتَ. قال:"نعم". قالوا: فاكتُبْ لنا عليك بذلك كتابًا. قال: فَدَعا بالصحيفةِ، ودَعا عليًّا ليَكتُبَ، قال: ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، إذْ نَزَلَ جبريلُ بهذه الآية: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ثم قال: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾. ثم قال: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ فأَلقَى رسولُ اللهِ ﷺ الصحيفةَ مِن يدِه، ثم دَعانا، فأتَيناه وهو يقولُ:" ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ ". فكُنَّا نَقْعُدُ معه، فإذا أرادَ أن يقومَ قامَ وتَرَكَنا، فأنزَل اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ٢٨]. قال: فكان رسولُ الله ﷺ يَقْعُدُ مَعنا بعدُ، فإذا بَلَغَ الساعةَ التي يقومُ فيها، قُمْنا وتَرَكْناه حتى يقوم (١).
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، عن أبي سعيدٍ الأَزْدِيِّ، عن أبي الكَنُودِ، عن خَبَّابِ بن الأَرَتِّ بنحوِ حديثِ الحسينِ بن عمرٍو، إلا أنه قال في حديثِه: فلمَّا رَأَوهم حولَه نَفَّرُوهم، فأَتَوه فَخَلَوا به. وقال أيضًا: ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ثم
(١) أخرجه البزار (٢١٢٩)، وأبو يعلى - كما في المطالب العالية (٣٩٧٧) - عن الحسين بن عمرو به، وأخرجه ابن ماجه (٤١٢٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٩٧، ١٣٠٠ (٧٣٣١، ٧٣٤٦) من طريق عمرو بن محمد العنقزى به، وأخرجه الواحدى في أسباب النزول ص ١٦٢، والبيهقي في الدلائل ١/ ٣٥٢، ٣٥٣ من طريق السدي به مختصرا، وعزاه الزيلعي في تخريج الكشاف ١/ ٤٣٩ إلى ابن راهويه في مسنده، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٣ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.