للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهم فيها بقولهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ - نِعَمَه التي سلَفتْ منه إليهم وإلى آبائِهم، التي عظُمتْ منهم مواقِعُها، ثم سلْبُه (١) كثيرًا منهم كثيرًا منها، بما ركِبوا من الآثامِ، واجتَرَموا من الأجْرامِ، وخالَفوا من الطاعةِ إلى المعصية، محذِّرَهم بذلك تعجيلَ العقوبةِ لهم، كالتي (٢) عجَّلها للأسلافِ والأفراطِ قبلَهم، ومخوِّفَهم حُلولَ مَثُلاتِه بساحتِهم، كالذي أحلَّ بأوائلِهم (٣)، ومعرِّفَهم ما لهم من النجاةِ في سرعةِ الأوْبةِ إليه وتعجيلِ التوبةِ؛ من الخلاصِ لهم يومَ القيامةِ من العقابِ. فبدأ بعدَ تعديدِه عليهم ما عدَّد من نِعَمِه التي هم فيها مُقيمون بذكرِ أبِينا وأبِيهم آدمَ أبي البشرِ، صلواتُ اللهِ عليه، وما سلَف منه من كرامتِه إليه وآلائِه لدَيه، وما أحلَّ به وبعدوِّه إبليسَ مِن عاجلِ عقوبتِه بمعصيتِهما التي كانت منهما، ومخالفتِهما أمْرَه الذي أمَرهما به، وما كان من تغمُّدِه آدمَ برحمتِه إذْ تاب وأناب إليه، وما كان من إحلالِه بإبليسَ من لعنتِه في العاجِل، وإعدادِه له ما أعدَّ له من العذابِ المقيمِ في الآجلِ، إذِ استكبرَ وأبَى التوبةَ إليه والإنابةَ، مُنبهًا لهم على حُكمِه في المُنيبين إليه بالتوبةِ، وقضائِه في المستكبرِين عن الإنابةِ، إعذارًا من اللهِ بذلك إليهم، وإنذارًا لهم لِيتدبَّروا آياتِه، ولِيَتذَكَّرَ منهم أُولو الألبابِ، وخاصًّا أهلَ الكتابِ بما ذكَر من قصَصِ آدمَ وسائرِ القصصِ التي ذكَرها معها وبعدَها، مما علِمه أهلُ الكتابِ وجهِلَتْه الأمةُ الأُميةُ مِن مشركِي عَبدَةِ الأوثانِ - بالاحتجاجِ عليهم - دونَ غيرِهم من سائرِ أصنافِ الأممِ الذين لا علْمَ عندَهم بذلك - لنبيِّه محمدٍ ؛ ليعلموا بإخبارِه إياهم بذلك أنه للهِ رسولٌ مبعوثٌ، وأن ما جاءهم به فمِن عندِه، إذْ كان ما اقتَصَّ عليهم من هذه القصصِ من مكنونِ


(١) في م: "سلب".
(٢) في الأصل: "كالذي".
(٣) في م: "بأوليهم".