للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمن ذكَرْتُ من المشركين ومَن كان على مِنْهاجِهم مِن المخالفين ربَّهم، فسأَل رسولُ اللهِ ربَّه أن يُعِيذَ أمتَه مما ابْتُلِي به الأمم الذين اسْتَوْجَبوا مِن الله تعالى ذكرُه بمعصيتهم إياه هذه العقوبات، فأعاذَهم بدعائِه إياه ورغبتِه إليه مِن المعاصي التي يَسْتَحِقُّون بها مِن هذه الخِلال الأربعِ من العقوبات ١ ثْنَتين (١)، ولم يُعِذْهم مِن ذلك ما يَسْتَحِقُّون به اثنتين منها.

وأما الذين تأوَّلوا أنه عنَى بجميعِ ما في هذه الآيةِ هذه الأمةَ، فإني أراهم تأوَّلوا أن في هذه الأمةِ مَن سَيَأْتِي مِن مَعاصِي اللهِ وركوبِ ما يُسْخِطُ اللهَ، نحوَ الذي ركِب مَن قبلَهم من الأممِ السالفةِ، مِن خلافِه والكفرِ به، فيَحِلُّ بهم مثلُ الذي حَلَّ بمَن قبلَهم مِن المثُلاتِ والنِّقَماتِ، وكذلك قال أبو العاليةِ ومَن قال بقولِه: جاء [مستقَرُّ اثنتين] (٢) بعدَ رسولِ اللهِ بخمسٍ وعشرين سنةً، وبقيت ١ ثنتان؛ الخَسْفُ والمَسْخُ. وذلك أنه رُوِي عن رسولِ اللهِ أنه قال: "سيَكُونُ في هذه الأمةِ خَسْفٌ ومَسْخٌ وقَذْفٌ" (٣). وأن قومًا مِن أمتِه سيَبِيتون على لهوٍ ولعبٍ، ثم يُصْبِحون قِرَدةً وخَنازيرَ (٤). وذلك إذا كان، فلا شكَّ أنه نظيرُ الذي كان في الأممِ الذين عَتَوْا على ربِّهم في التكذيبِ وجحَدوا آياتِه.

وقد رُوِي نحوُ الذي رُوِي، عن أبي العاليةِ، عن أُبيٍّ.

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: ثنا وَكيعٌ، وحدَّثنا سفيانُ، قال: أخْبرَنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرازيِّ، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ، عن أبيِّ بنِ كعبٍ: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ


(١) في م: "أغلظها".
(٢) في م: "منهن اثنتان".
(٣) أخرجه الترمذي (٢١٨٥).
(٤) أخرجه البخاري (٥٥٩٠) معلقا من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري، ووصله البيهقي ١٠/ ٢٢١، والحافظ في التغليق ٥/ ١٧.