للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضُهم: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: عمَد لها. وقال: كلُّ تاركٍ عملًا كان فيه إلى آخرَ (١) فهو مُستوٍ لما عمَد له ومُستوٍ إليه.

وقال بعضُهم: الاستواءُ هو العلوُّ، والعلوُّ هو الارتفاعُ.

وممن قال ذلك الربيعُ بنُ أنسٍ، حُدِّثْتُ بذلك عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ يقولُ: ارتفعَ إلى السماءِ (٢).

ثم اختلَف متأوِّلُو الاستواءِ بمعنى العلوِّ والارتفاعِ في الذي استوَى إلى السماءِ؛ فقال بعضُهم: الذي استوَى إلى السماءِ وعلَا عليها خالِقُها ومُنشِئُها.

وقال بعضُهم: بلِ العالي إليها (٣) الدخانُ الذي جعَله اللهُ للأرضِ سماءً.

قال أبو جعفرٍ: والاستواءُ في كلامِ العربِ منصرِفٌ على وجوهٍ؛ منها: انتهاءُ شبابِ الرجلِ وقوَّتِه، فيقالُ إذا صارَ كذلك: قدِ استوَى الرجلُ.

ومنها: استقامةُ ما كان فيه أوَدٌ (٤) من الأمورِ والأسبابِ، يقالُ منه: استوَى لفلانٍ أمرُه: إذا استقام له بعدَ أوَدٍ (٥). ومنه قولُ الطِّرِمَّاحِ بنِ حكيمٍ (٦):

طال على رسمٍ مُهَدَّدٍ أبَدُهْ … و (٧) عفا واسْتَوَى به بَلَدُهْ


(١) في م: "آخره".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٧٥ عقب الأثر (٣٠٨) من طريق ابن أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٤٣ إلى المصنف عن أبي العالية. وستأتي بقيته في ص ٤٥٨.
(٣) في ص: "عليها".
(٤) الأود: العِوَج. ينظر التاج (أ و د).
(٥) في الأصل: "درء".
(٦) ديوانه ص ١٩٣.
(٧) في الأصل: "ثم".