للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: استقام به.

ومنها: الإقبالُ على الشيْءِ بالفعلِ، كما يقالُ: استوَى فلانٌ على فلانٍ بما يكرهُه ويسوءُه بعدَ الإحسانِ إليه.

ومنها: [الاستيلاءُ والاحتواءُ] (١)، كقولِهم: استوَى فلانٌ على المملكةِ.

بمعنى: احتوَى عليها وحازَها.

ومنها: العلوُّ والارتفاعُ، كقولِ القائلِ: استوَى فلانٌ على سريرِه. يعني به: عُلوَّه عليه.

قال أبو جعفرٍ: وأوْلَى المعاني بقولِ اللهِ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾: علَا عليهن وارتفَع، فدبَّرهن بقدرتِه وخلَقهنَّ سبعَ سماواتٍ.

والعجبُ ممن أنكَرَ المعنى المفهومَ من كلامِ العربِ في تأويلِ قولِ اللهِ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ الذي هو بمعنَى العلوِّ والارتفاعِ هَرَبًا عندَ نفسِه من أنْ يلزَمَه بزعمِه - إذا تأوَّله بمعناه المفهومِ كذلك - أن يكونَ إنما علَا وارتفَع بعد أن كان تحتَها، إلى أنْ تأوَّلَه بالمجهولِ من تأويلِه المُسْتَنْكَرِ (٢)، ثم لم ينجُ مما هرَب منه، فيقالُ له: أزعَمتَ أن تأويلَ قولِه: ﴿اسْتَوَى﴾: أقبَل، أفكانَ مُدْبرًا عن السماءِ فأقبَل إليها؟ فإن زعَمَ أن ذلك ليس بإقبالِ فعلٍ ولكنه إقبالُ تدبيرٍ. قيلَ له: فكذلك فقلْ (٣): علَا عليها عُلوَّ مُلْكٍ وسلطانٍ لا علوَّ انتقالٍ وزوالٍ. ثم لن يقولَ في شيْءٍ من ذلك قولًا إلا أُلزِم في الآخَرِ مثلَه. ولولا أنَّا كرِهنا إطالةَ الكتابِ بما ليس من جنسِه لأَنبأْنا عن فسادِ قولِ كلِّ قائلٍ قال في ذلك قولًا لقولِ أهلِ الحقِّ فيه مخالفًا، وفيما بيَّنا منه ما يُشرِفُ


(١) في م: "الاحتياز والاستيلاء".
(٢) في ص: "المستكره".
(٣) في ر: "تقل".