للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾، ثم ابْتَدَأَ الخبرَ عن القولِ فقال: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ﴾.

بمعنى: وعدُه هذا (١) الذي وعَدَ تعالى ذكرُه، مِن تبديلِه السماواتِ والأرضَ غيرَ الأرضِ والسماواتِ، الحقُّ الذي لا شكَّ فيه، ﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. فيكونُ قولُه: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. مِن صلةِ المُلْكِ، ويَكونُ معنى الكلامِ: وللهِ الملكُ يومَئذٍ؛ لأن النفخةَ الثانيةَ في الصورِ حالَ تبديلِ اللهِ السماواتِ والأرضَ غيرَهما (٢).

وجائزٌ أن يكونَ القولُ، أعْنِي: ﴿قَولُهُ الْحَقُّ﴾. مرفوعًا بقولِه: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. ويكونَ قولُه: ﴿كُن فَيَكُونُ﴾. محلًّا للقولِ مُرافعًا.

فيكونُ تأويلُ الكلامِ: وهو الذي خلَق السماواتِ والأرضَ بالحقِّ، ويومَ يُبَدِّلُها غيرَ السماواتِ والأرضِ فيقولُ لذلك: ﴿كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ﴾.

وأما قولُه: ﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾. فإنه خُصَّ بالخبرِ عن ملكِه يومَئذٍ، وإن كان الملكُ له خالصًا في كلِّ وقتِ في الدنيا والآخرةِ؛ لأنه عنَى تعالى ذكرُه أنه لا مُنازِعَ له فيه يومَئِذٍ، ولا مُدَّعِيَ له، وأنه المنفردُ به دونَ كلِّ مَن كان يُنازِعُه فيه في الدنيا مِن الجَبابرةِ، فأذْعَن جميعُهم يومَئذٍ له به، وعلِموا أنهم كانوا مِن دَعْواهم في الدنيا في باطلٍ.

واخْتُلِف في معنى (الصورِ) في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هو قرنٌ يُنْفَخُ فيه نَفْختان؛ إحداهما لفناءِ مَن كان حيًّا على الأرضِ، والثانيةُ لنشرِ كلِّ مَيتٍ. واعْتَلُّوا لقولِهم ذلك بقولِه (٣): ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (هو).
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (وغيرهما).
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.