للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُنْ بأبيه، إنما هو صنمٌ (١).

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا يحيى بنُ يَمانٍ، عن سفيانَ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ، قال: آزرُ اسمُ صنمٍ.

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ﴾. قال: اسمُ أبيه. ويقالُ: لا، بل اسمُه تارَحُ (٢)، واسمُ الصنمِ آزَرُ، يقولُ: أَتتَّخِذُ آزَرَ (٣) أَصْناماً آلهةً (٤).

وقال آخَرون: هو سبٌّ وعيبٌ بكلامِهم، ومعناه مُعْوَجٌّ. كأنه تأوَّل أنه عابه بزَيْغِه واعْوِجاجِه عن الحقِّ.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَتْه عامةُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ﴾. بفتحِ آزرَ على إتْباعِه الأبَ في الخفضِ، ولكنه لمَّا كان اسماً أعجميًّا فتَحُوه، إذ لم يُجْرُوه، وإن كان في موضعِ خفضٍ.

وذُكِر عن أبي يزيدَ المَدِينيِّ والحسنِ البصريِّ أنهما كانا يَقْرَآن ذلك: (آزَرُ).

بالرفعِ على النداءِ، بمعنى: يا آزرُ (٥).

فأما الذي ذُكِر عن السديِّ مِن (٦) حكايتِه أن آزرَ اسمُ صنمٍ، وإنما نصْبُه بمعنى: أَتَتَّخِذُ آزرَ أصناماً آلهةً. فقولٌ مِن الصوابِ مِن جهةِ العربيةِ بعيدٌ؛ وذلك أن العربَ لا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣ إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في ت ١، ف: (تارخ)، وهو قول فيه. ينظر اللسان (أ ز ر).
(٣) زيادة من: م، وهو موافق لما سيأتي في كلام المصنف في رد قول السدي.
(٤) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٥) ينظر النشر ٢/ ١٩٥، وإتحاف فضلاء البشر ص ١٢٧، وفيهما أن الذي قرأ برفع الراء هو يعقوب الحضرمي، وأن قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع - وهما من العشرة - بفتح الراء.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢ ت ٣، س: (عن).