للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنْصِبُ اسماً بفعلٍ بعدَ حرفِ الاستفهامِ، لا تقولُ: أخاك أَكَلَّمْتَ؟ وهي تُرِيدُ: أكَلَّمْتَ أخاك؟

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندي قراءةُ مَن قرَأ بفتحِ الراءِ مِن ﴿آزَرَ﴾ (١)، على إتْباعِه إعرابَ الأبِ، وأنه في موضعِ خفضٍ، ففتِح إذ لم يَكُنْ جاريًا؛ لأنه اسمٌ أعجميٌّ. وإنما اخْتَرْتُ (٢) قراءةَ ذلك كذلك؛ لإجماعِ الحجةِ مِن القرأةِ عليه.

وإذ كان ذلك هو الصوابَ مِن القراءةِ، وكان غيرَ جائزٍ أن يَكونَ منصوبًا بالفعلِ الذي بعدَ حرفِ الاستفهامِ، صحَّ لك فتحُه مِن أحدِ وجهين؛ إما أن يَكونَ اسماً لأبي إبراهيمَ صلواتُ اللهِ عليه وعلى جميعِ أنبيائِه ورسلِه، فيَكونَ في موضعِ خفضٍ ردّاً على الأبِ، ولكنه فُتِح لِمِا ذكَرْتُ مِن أنه لمَّا كان اسماً أعجميًّا تُرِك إجْراؤُه، فقُتِح كما تَفْعَلُ (٣) العربُ في أسماءِ العجمِ. أو يَكونَ نعتاً له، فيَكونَ أيضًا خفضًا، بمعنى تَكريرِ اللامِ (٤) عليه، ولكنه لمَّا خرَج مَخْرَجَ أَحمرَ وأسودَ، تُرِك إجراؤُه، وفُعِل به كما يُفْعَلُ بأشكالِه. فيكونُ تأويلُ الكلامِ حينَئذٍ: وإذ قال إبراهيمُ لأبيه الزائِغِ (٥): أَتَتَّخِذُ أصناماً آلهةً؟

وإن لم يَكُنْ له وجْهٌ (٦) في الصوابِ إلا أحدُ هذين الوجهين، فأولى القولين منهما (٧) بالصوابِ عندي قولُ مَن قال: هو اسمُ أبيه. لأن اللهَ تعالى ذكرُه أخْبَر أنه أبوه، وهو القولُ المحفوظُ مِن قولِ أهلِ العلمِ، دونَ القولِ الآخرِ الذي زعَم قائلُه أنه نعتٌ.


(١) القراءتان كلتاهما صواب.
(٢) في م: (أجيزت).
(٣) في م: (فتح).
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: (الأمر).
(٥) في النسخ: (آزر) وهو لفظ الآية لا تأويلها، والمثبت كما أثبته الشيخ شاكر.
(٦) في ص، م: (وجهة).
(٧) سقط من: م.