للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنُمْرُودَ (١)، فلمَّا أراد اللهُ أن يَبْعَثَ إبراهيمَ حُجَّةً على قومِه، ورسولًا إلى عبادِه، ولم يَكُنْ فيما بينَ نوحٍ وإبراهيمَ نبيٌّ إلا هودٌ وصالحٌ، فلمَّا تَقارَب زمانُ إبراهيمَ الذي أراد اللهُ ما أراد، أتَى أصحابُ النجومِ نُمْرودَ، فقالوا له: تَعَلَّمْ أَنا نَجِدُ فِي عِلْمِنا أن غلامًا يُولَدُ في قريتِك هذه، يقالُ له: إبراهيمُ. يُفارِقُ دينَكم، ويَكْسِرُ (٢) أوثانَكم، في شهرِ كذا وكذا، من سنةِ كذا وكذا. فلما دخَلَت السنةُ التي وصَف أصحابُ النجومِ لنُمْرودَ، بعَث نُمْرودُ إلى كلِّ امرأةٍ حُبْلَى بقريتِه، فحبَسَها عندَه - إلا ما كان مِن أمِّ إبراهيمَ امرأةِ آزرَ، فإنه لم يُعْلَمْ بحبَلِها، وذلك أنها كانت ١ مرأةً حَدَثَةً (٣) فيما يُذْكَرُ، لم يُعْرَفِ (٤) الحَبَلُ في بطنِها، ولِمَا أراد اللهُ أن يَبْلُغَ بولدِها - يُريدُ (٥) أن يَقْتُلَ كلَّ غلامٍ وُلِد في ذلك الشهرِ مِن تلك السنةِ، حَذَرًا على مُلْكِه، فَجَعَل لَا تَلِدُ امرأةٌ غلامًا في ذلك الشهرِ مِن تلك السنةِ إلا أمَر به فذُبِح، فلمَّا وجَدَت أَمُّ إبراهيمَ الطَّلْقَ، خَرَجَت ليلًا إلى مغارةٍ كانت قريبًا منها، فولَدَت فيها إبراهيمَ، وأصْلَحَت مِن شأنِه ما يُصْنَعُ بالمولودِ (٦)، ثم سَدَّت عليه المغارةَ، ثم رجَعَت إلى بيتِها، ثم كانت تُطالِعُه في المغارةِ، فتَنْظُرُ ما فعَل، فتَجِدُه حيًّا يَمُصُّ إبْهامَه، يَزْعُمون - واللهُ أعلمُ - أن اللهَ جعَل رزقَ إبراهيمَ فيها، [وما] (٧) يجِيئُه (٨) من مصِّه، وكان آزرُ فيما يَزْعُمون، سأَل أمَّ إبراهيمَ عن حمْلِها: ما فعَل؟ فقالت: ولَدْتُ غلامًا فمات. فصدَّقَها،


(١) بعده في: م "بن كنعان"، والذي في تاريخ المصنف: "النمرود الخاطئ".
(٢) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أصنامكم".
(٣) في م: "حدبة". وامرأة حدثة: صغيرة السن شابة. التاج (ح د ث).
(٤) في ص: "تعرف".
(٥) في م: "أراد".
(٦) في م: "مع المولود".
(٧) في تاريخ المصنف: "ما".
(٨) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "يحييه".