للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكونَ معبودةً ولا آلهةً. قالوا: وإنما قال ذلك لهم مُعارَضةً، كما يقولُ أحدُ المُتنَاظِرَيْن لصاحبِه، مُعارِضًا له في قولٍ باطلٍ قال به بباطلٍ مِن القولِ، على وجهِ مُطالَبتِه إياه بالفُرْقانِ بينَ القولين الفاسدَين عندَه، اللذين يُصَحِّحُ خَصْمُه أَحدَهما ويَدَّعِي فسادَ الآخرِ.

وقال آخَرون منهم: بل ذلك كان منه في حالِ طُفُولتِه، وقبلَ قيامِ الحُجَّةِ عليه، وتلك حالٌ لا يكونُ فيها كفرٌ ولا إيمانٌ.

وقال آخَرون منهم: إنما معنى الكلامِ: أهذا ربِّي؟ على وجهِ الإنكارِ والتَّوبيخِ؛ أي (١): ليس هذا ربِّي. وقالوا: قد تَفْعَلُ العربُ مثلَ ذلك، فتَحْذِفُ الألفَ التي تَدُلُّ على معنى الاستفهامِ. وزعَموا أن مِن ذلك قولَ الشاعرِ (٢):

رفَوْني (٣) وقالوا يا خُوَيْلِدُ لا (٤) تُرَعْ … فقلتُ وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ؟

يعني: أهم هم؟ قالوا: ومِن ذلك قولُ أوسٍ (٥): لعَمْرُك ما أَدْرِى [وإن كنتُ دارِيًا] (٦) … شُعَيْثُ (٧) ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيْثُ (٧) ابن مِنْقَرِ؟ بمعنى: أشُعَيْثُ (٨) بنُ سهمٍ؟ فحذَف الألفَ. ونظائر ذلك. وأما تذكيرُ ﴿هَذَا﴾ في قولِه: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾. فإنما هو (٩) على


(١) في ص، ت ١: "أن".
(٢) هو أبو خراش الهذلي، والبيت في ديوان الهذليين ٢/ ١٤٤.
(٣) رفوني: سكَّنوني. وكان أصلها رفئوني فترك الهمز. ينظر شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٢١٧.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "لم".
(٥) ديوانه ص ٤٩. ونسبه سيبويه في الكتاب ٣/ ١٧٥ إلى الأسود بن يعفر، ونسبه المبرد في الكامل ٢/ ٢٤٥، ٣/ ١٧٨ إلى اللعين المنقري التميمي.
(٦) وفي الديوان: "أمن حزن محجن".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "شعيب"، وفي الموضع الثاني من الديوان: "لحزن".
(٨) في ص ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أشعيب".
(٩) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "هم".