للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الذي أخْبَر تعالى ذكرُه عنه أنه قائلُ (١) هذا القولِ، أعْنِي: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ الآية؛ فقال بعضُهم: هذا فصلُ القضاءِ مِن اللهِ بينَ إبراهيمَ خليلِه ، وبينَ مَن حاجَّه مِن (٢) قومِه مِن أَهلِ الشركِ باللهِ، إذ قال لهم إبراهيمُ: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. فقال اللهُ تعالى فاصلًا بينَه وبينَهم: الذين صدَّقوا اللهَ، وأخْلَصُوا له العبادةَ، ولم يَخْلِطوا عبادتَهم إياه وتصديقَهم له ﴿بِظُلْمٍ﴾. يعني: بشركٍ، ولم يُشْرِكوا في عبادتِه شيئًا، ثم جعَلوا عبادتَهم للهِ خالصًا - أحقُّ بالأمنِ مِن عقابِه مكروهَ عبادتِه ربَّه (٣)، مِن الذين يُشْرِكون في عبادتِهم إياه الأوثانَ والأصنامَ، فإنهم الخائِفون من عقابِه مكروهَ عبادتِهم، أمَّا في عاجلِ الدنيا، فإنهم وَجِلون مِن حُلولِ سَخَطِ اللهِ بهم، وأما في الآخرةِ، فإنهم المُوقِنون بأليمِ عذابِ اللهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: يقولُ اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾: أي: الذين أخْلَصوا كإخلاصِ إبراهيمَ لعبادةِ اللهِ وتوحيدِه، ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾: أي: بشركٍ، ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾: الأمنُ مِن العذابِ، والهُدَى في الحجةِ بالمعرفةِ والاستقامةِ، يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (٤).


(١) في م: "قال".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "في".
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرج آخره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٣٤ (٧٥٤٧) من طريق سلمة به.