حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. قال: فقال اللهُ، وقضَى بينَهم: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾. قال: بشركٍ. قال: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾: فأما الذنوبُ فليس يَبْرَأُ منها أحدٌ.
وقال آخَرون: هذا جوابٌ مِن قومِ إبراهيمَ ﷺ لإبراهيمَ حينَ قال لهم: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾؟ فقالوا له: الذين آمَنوا باللهِ فوحَّدوه، أحقُّ بالأمنِ، إذ لم يَلْبِسوا إيمانَهم بظلمٍ.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصوابِ قولُ مَن قال: هذا خبرٌ مِن اللهِ تعالى عن أوْلَى الفريقَيْن بالأمنِ، وفصلُ قَضاءٍ منه بينَ إبراهيمَ ﷺ وبينَ قومِه، وذلك أن ذلك لو كان مِن قولِ قومِ إبراهيمَ الذين كانوا يَعْبُدون الأوثانَ، ويُشْرِكونها في عبادةِ اللهِ، لكانوا قد أقَرُّوا بالتوحيدِ، واتَّبَعوا إبراهيمَ على ما كانوا يُخالِفونه فيه مِن التوحيدِ، ولكنه كما ذكَرْتُ مِن تأويلِه بَدِيًّا (١)
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في المعنى الذي عناه اللهُ تعالى بقولِه: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾؛ فقال بعضُهم: بشركٍ.
(١) في م: "بدءا". والبديّ: الأول. ومنه قولهم: افعل هذا بادي بديٍّ، أي: أول كل شيء. اللسان (ب د ي).