للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأكمَل خَلْقَهن في يومين، ففرَغ من خلْقِ السماواتِ والأرضِ في ستةِ أيامٍ، ثم استوَى في اليومِ السابعِ فوقَ سَماواتِه، ثم قال للسّماواتِ والأرضِ: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ لِمَا أردْتُ (١) بكما، فاطمَئِنَّا عليه طوعًا أو كرهًا ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (٢).

فقد أخبَر ابنُ إسحاقَ أن اللهَ تعالى ذكرُه استوَى إلى السماءِ بعد خلقِه الأرضَ وما فيها وهنّ سبعٌ من دخانٍ، فسَوّاهُنَّ كما وصَف.

وإنما استَشهدْنا لقولِنا الذي قُلْنا في ذلك بقولِ ابنِ إسحاقَ؛ لأنه أوضحُ بيانًا عن خبرِ (٣) السماواتِ أنهنَّ كن سبعًا من دخانٍ قبلَ استواءِ ربِّنا إليها لتسويتِها (٤) - من غيرِه، وأحسنُ شرحًا لما أردْنا الاستدلالَ به، من أن معنى السماءِ التي قال تعالى ذكرُه فيها: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ بمعنى الجمعِ على ما وصفْنَا، وأنَّه إنما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾. إذْ كانت السماءُ بمعنى الجمعِ، على ما بيَّنَّا.

فإن قال لنا قائلٌ: فما صِفةُ تسويةِ اللهِ السماواتِ التي ذكَرها في قولِه: ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾. إذْ كنَّ قد كنّ خُلِقن سبعًا قبل تسويتِه إياهُنَّ؟ وما وجْهُ ذكْرِ خلْقِهنّ بعد ذكْرِ خلْقِ الأرضِ، أَلأنَّها (٥) خُلِقتْ قبلَها أم لمعنًى (٦) غيرِ ذلك؟

قيل: قد ذكَرْنا ذلك في الخبرِ الذي رَوَيْناه عن ابنِ إسحاقَ، ونزيدُ ذلك توكيدًا بما نضُمُّ إليه من أخبارِ بعضِ السلفِ المتقدِّمين وأقوالِهم.


(١) في االأصل: "أردته".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٤ إلى قوله: مبصرا. وينظر تفسير الآيات ٩ - ١٢ من سورة فصلت.
(٣) في ص: "خلق".
(٤) في ص، ر، م: "بتسويتها".
(٥) في ص: "لا أنها"، وفي ر: "لأنها".
(٦) في ص، م: "بمعنى".