للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: قال: أخبَرني عمرٌو، أن ابنِ أبي هلالٍ حدَّثه، أنه سمِع القرظيَّ (١) يقولُ: قرَأَت عائشةُ زوجُ النبيِّ قولَ اللهِ: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.

فقالت: واسَوْءَتاه، إن الرجالَ والنساءَ يُحْشَرون جميعًا يَنْظُرُ بعضُهم إلى سَوْءَةِ بعضٍ! فقال رسولُ اللهِ : "لكلِّ امرئٍ منهم يومَئذٍ شأنٌ يُغْنِيه، لا يَنْظُرُ الرجالُ إلى النساءِ، ولا النساءُ إلى الرجالِ، شُغِل بعضُهم عن بعضٍ" (٢).

وأما قولُه: ﴿وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾. فإنه يقولُ: خَلَفْتُم أَيُّها القومُ ما مَلَّكناكم (٣) في الدنيا، مما كنتم تَتَباهَوْن به فيها، خلفَكم في الدنيا، فلم تَحْمِلوه معكم. وهذا تَعْييرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه لهؤلاء المشركين بمُباهاتِهم التي كانوا يَتَباهَوْن بها في الدنيا بأموالِهم.

وكلُّ من ملَّكْتَه غيرَك وأعْطَيْتَه، فقد خوَّلْتَه، يقالُ منه: خال الرجلُ يَخالُ أشدَّ الخِيالِ. بكسرِ الخاءِ، وهو خائلٌ، ومنه قولُ أبي النَّجْمِ (٤):

أَعْطَى فلم يَبْخَلْ ولم يُبَخَّلِ … كُومَ الذُّرا (٥) مِن خَوَلِ المُخَوِّلِ

وقد ذُكِر أن أبا عمرِو بنَ العلاءِ كان يُنْشِدُ بِيتَ زُهَيْرٍ (٦):


(١) في ص، م: "القرطبي"، والمثبت موافق لما في مصادر التخريج الآتية.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٤٩ (٧٦٣٩) عن يونس عن ابن وهب عن عمرو به، عمرو به، وأخرجه الحاكم ٤/ ٥٦٥ من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث به.
(٣) في م، ت ١، ت،٢، ت ٣: "مكناكم".
(٤) ديوانه (مجموع) ص ١٧٥.
(٥) كوم جمع كوماء: وهي الناقة العظيمة السنام طويلته. والذرا جمع ذروة: وهي أعلى كل شيء، وأراد السنام. ينظر اللسان (ك و م، ذ ر و).
(٦) ينظر شرح ديوان زهير ص ١١٢. وينظر ما سيأتي في تفسير الآية (٨) من سورة "الزمر".